DR. AOULMI.B

DR. AOULMI.B

النفقات العامة المحلية

النفقات العامة المحلية وقواعد ترشيدها

                                                                          أ/ مرغاد لخضر

                                                                 أستاذ مساعد بقسم العلوم الاقتصادية

                                                                             جامعة بسكرة

مقدمة:

توضح النفقات المحلية السياسة العامة لكل إقليم في إشباع حاجات الأفراد من السلع والخدمات، من مختلف أنواعها وكمياتها، ثم فحص مدى ملاءمتها وكفاءتها، ويكون هذا الإشباع إما عن طريق إنتاج الحكومة ذاتها، أو عن طريق عقد بين الحكومة والقطاع الخاص فيما يتعلق بالشراء أو تقديم الخدمات.

       ونظرا للدور الكبير الذي تقوم به الجماعات المحلية في المجالات الاجتماعية والاقتصادية، والذي يثير مشكل الموارد اللازمة لتمويل النفقات الأساسية للجماعات المحلية، وكيفية ترشيد الأنفاق العام المحلي المتزايد.

وسنعالج هذه العناصر في هذه المداخلة من خلال مايلي:

       - الحاجات العامة المحلية.

       - أسباب زيادة النفقات العامة المحلية.

       - ترشيد زيادة النفقات العامة المحلية.

 


I - الحاجات العامة المحلية.

       يعد إشباع الحاجات العامة المحلية من أهم الركائز الأساسية التي تقوم بها المجتمعات في مختلف الميادين، والتي تسعى الجماعات المحلية إلى تلبيتها بكل الطرق المتاحة، وذلك رغم تعدد وتنوع وتزايد هذه الحاجات عبر الزمن. 

 I – 1 دور الجماعات المحلية في إشباع الحاجات العامة.

       تلعب الجماعات المحلية دورا بارزا في إشباع الحاجات العامة المحلية، خاصة إذا توفرت لها الإمكانات اللازمة، وأعطيت لها الصلاحيات الكاملة، وسنحاول أن نتناول هذه الأهمية فيما يلي :

I1 – 1 توزيع النفقات العامة المحلية بين السلطة المركزية والمحلية.

       إن حاجات الأفراد متعددة، وبمرور الزمن تزداد، بالإضافة إلى زيادة أنواعها وكمياتها وفعالياتها. ومن الناحية النظرية يعد إشباع الحاجات المشتركة لمجموع السكان خدمة عامة، وعليه فإن الخدمة المحلية تهدف لإشباع السكان المحصورين داخل إقليم جماعة محلية([1]).

وعلى هذا الأساس يمكن التمييز بين ثلاثة أنواع من الحاجات نفصلها فيما يلي([2]) :

أولا: حاجات عامة بحتة: وهي حاجات يجري إشباعها بمعرفة الدولة ولا يمكن إشباعها بمعرفة أفراد، مثل: حاجة المجتمع للأمن الداخلي والعدالة والأمن الخارجي، حيث تعود منافع هذه الخدمات على جميع المواطنين في مختلف الأقاليم.

ثانيا: حاجات خاصة بحتة: وهي حاجات يجري إشباعها بمعرفة السوق، وتعتبر ذات طبيعة محلية بحتة، يمكن ترك مسؤوليتها للجماعات المحلية، حيث تقتصر منافعها على المواطنين في إقليم أو مدينة أو قرية بعينها.

ثالثا: حاجات عامة مستحقة أو متداخلة: وهي التي تجمع بين الصفتين المحلية والوطنية، حيث تعود منافعها على المواطنين في منطقة أساسية بذاتها، كما تتجاوز منافعها وآثارها الحدود المحلية البحتة كخدمة التعليم مثلا، حيث تقوم السلطة المركزية بالتخطيط، ويقع التنفيذ على  الجماعات المحلية.

       وينبغي أن تتولى الحكومة المركزية مسؤولية الإنفاق الذي يحقق منافع وتكاليف قومية، أي السلع والخدمات العامة، ويشمل ذلك تكاليف تحقيق الاستقرار الاقتصادي وإعادة التوزيع بما لديها من إمكانات للقيام بذلك، غير أن إنفاق الجماعات المحلية يؤثر على توزيع الدخول مثل توفير إعانات الرعاية الصحية والإسكان في الاقتصاديات التي تمر بمرحلة انتقال في كثير من البلدان النامية كالجزائر مثلا. أضف إلى ذلك أنه حينما تتركز منافع الإنفاق في ولاية أو بلدية ما في حين تكون موارد (التي تأخذ في شكل ضرائب) منتشرة على نطاق واسع، فإنه يتوافر للجماعات المحلية الحافز للإنفاق أكثر من مواردها مما يؤثر على السياسة المالية للدولة ([3]).

وهناك الخدمات التي تتضمن في ثناياها عناصر محلية وأخرى غير محلية، فإنها يمكن أن توكل كلية إلى الجماعات المحلية بشرط إخضاعها لنوع من الرقابة من طرف السلطات الحكومية المركزية ([4]).

I1 – 2 أهمية الجماعات المحلية في إشباع الحاجات العامة.

       تختص الحكومة المركزية بإشباع الحاجات العامة الأساسية للمجتمع كإقامة المشاريع الكبرى اللازمة للتنمية الشاملة في جميع أرجاء الدولـة، بينما تقوم الجماعات المحلية بمشاريع تراها ضرورية وذات أهمية للمجتمع على المستوى المحلي على أن يتم تمويلها ذاتيا سواء عن طريق التبرعات أو الهبات أو القروض.

       وتعد المشاركة  بين السلطة المركزية والجماعات المحلية الوسيلة المعمول بها في تلبية وإشباع الحاجات العامة للسكان، على أن تتحمل السلطة المركزية القسط الأكبر من التمويل وتتولى السلطة المحلية التنفيذ تحت رقابة السلطة المركزية.

وعلى الرغم من ذلك فإن الجماعات المحلية في الدول النامية يمكن لها أن تطور إيراداتها بحيث تكون كافية للقيام بأعباء إشباع حاجات السكان أكثر فأكثر دون رقابة    أو إشراف من الحكومة المركزية.

ولعل التجربة المصرية في إعطاء سلطات أكثر للجماعات المحلية تعد ذات أهمية كبيرة، فهي لها ضرائبها وإيراداتها الخاصة ولكنها لا تزيد عن 25% من ميزانيتها والباقي إعانات من الحكومة المركزية، وذلك بإنشاء البنوك الوطنية للائتمان عبر محافظتها لمساعدة هذه الأخيرة على تنمية مواردها وإشباع الحاجات الأساسية للسكان في المحليات من الأمن الغذائي، واستثمار الأراضي الزراعية وزيادة مساحتها، لدليل على أهمية الجماعات المحلية في إشباع الحاجات العامة للسكان([5]).

       كما نشير إلى أن في الجزائر وفي سنة 1996 قللت من الاستفادة من عوائد القيمة المضافة من 17% إلى 15% أدى ذلك إلى رفع حالة العجز المالي للبلديات والولايات، إذ انتقل عدد البلديات العاجزة ماليا من 775 بلدية سنة 1991 إلى 1249 في إحصاء 1998 فيما قدر عدد الولايات العاجزة في السنة نفسها (7 ولايات)([6]).

I2 أنواع النفقات العامة المحلية.

تتعدد أنواع النفقات العامة المحلية، وذلك من خلال الزاوية التي ينظر منها إلى هذه النفقات، فيمكن تقسيمها من حيث دوريتها إلى عادية وغير عادية، ويمكن تقسيمها من حيث سلطة المجالس المحلية في تقديرها إلى نفقات اختيارية وإجبارية.

I – 2 – 1  النفقات العادية وغير العادية.

       يقصد بالنفقات العادية تلك المصروفات التي تتكرر بصفة دورية كل سنة، حيث تظهر في الميزانية المحلية، أما النفقات غير العادية فتتضمن المصروفات الاستثنائية التي لا تتكرر سنويا، وهذا التمييز للنفقات العادية وغير العادية وفقا لمبدأ سنوية الميزانية المحلية هو المأخوذ به في الجزائر.

ويمكن من جهة أخرى تبيان معنى النفقات العادية وغير العادية من خلال أن النفقات العادية تشمل نفقات التسيير والأدوات واللوازم التي تتطلبها الجماعات المحلية، بينما تشمل النفقات غير العادية أشغال التشييد الجديدة للبنايات، الطرق، مجاري المياه، قنوات صرف المياه الصالحة للشرب وأعمال التهيئة العمرانية.

وتفيد هذه التفرقة إلى الأخذ بها في مجال تقسيم النفقات في الحرص على تغطية النفقات العادية الواردة بالميزانية المحلية من حصيلة الموارد العادية، بينما يلجأ إلى الموارد غير العادية لتغطية النفقات غير العادية.

       ولا يقصد بالتكرار في النفقات العادية ثبات مقدار النفقة كل سنة، فقد تتغير قيمتها بالزيادة أو النقصان، فمرتبات الموظفين تعتبر من النفقات العادية يتم تكرار ورودها في الميزانية كل سنة، ولكن ذلك لا يعني ثبات المقدار الذي قد يتغير زيادة أو نقصانا من سنة إلى أخرى ([7]).

I – 2 –2 النفقات الإجبارية والاختيارية.

       تنقسم النفقات المحلية من حيث سلطة المجالس المحلية إلى نفقات اختيارية ونفقات و إجبارية. فالنفقات الإجبارية تتكون من  كافة النفقات الإجبارية التي نص عليها المشرع كنفقات قسم التسيير التي تشمل ([8]):

       - نفقات أجور الموظفين.

- نفقات صيانة الأموال المنقولة والعقارية للجماعات المحلية.

- نفقات صيانة الطرق الولائية والبلدية.

- نفقات المشاركة في صندوق الضمان.

- نفقات تسيير  مصالح الجماعات المحلية.

وهي النفقات التي لا يمكن الاستغناء عنها حتى في حالة الأزمات لكونها ضرورية ولا بد منها في تسيير شؤون الجماعات المحلية،  فالأولوية لها دائما لضمان سير هياكل الدولة.                                                                                       أما النفقات الاختيارية فهي النفقات التي للمجالس المحلية السلطة في إدراجها     أو عدم إدراجها بالميزانية المحلية.

II -  أسباب زيادة النفقات العامة المحلية.

       تختلف أسباب زيادة النفقات العامة المحلية بين الدول المتقدمة والدول النامية والفقيرة، وذلك حسب التطور الاقتصادي الذي وصلت إليه كل دولة، ومدى قدرتها على تحقيق الرفاهية للسكان، ومدى تحقيقها لحاجات الأفراد المتزايدة عبر الزمن فقد يكون ما وصلت إليه بعض الدول، هو ما ينبغي الوصول إليه من طرف دول أخرى أكثر حرمانا وأكثر فقرا، لذلك سنعالج أسباب زيادة النفقات العامة المحلية من خلال إبراز أسباب الزيادة في الدول المتطورة وأسبابها في الدول النامية.

II 1 أسباب زيادة النفقات في الدول النامية.

       تتعدد أسباب زيادة النفقات العامة المحلية في الدول النامية، فمنها ما هو اقتصادي ومنها ما هو غير ذلك.

II – 1 – 1 الأسباب الاقتصادية.                                           يعتبر سوء انتظام الموارد المالية وعدم وجود تخطيط دقيق للجماعات المحلية وكذا فشل السوق في تلبية الحاجات الأساسية للسكان، من جملة الأسباب الاقتصادية التي تؤدي إلى زيادة الإنفاق العام المحلي وسنحاول أن نفصله في جملة هذه الأسباب ([9]).

أولا: سوء انتظام الموارد المالية:

       إن اعتماد الجماعات المحلية في تمويلها على الميزانية العامة للدولة وعلى السلطة المركزية بنسبة كبيرة، يجعل بعض المشاريع المحلية تختلف في الإنجاز أو تعطل بعض المنشآت أو تمهل لعدة سنوات. وذلك راجع إلى التأخر الذي قد يحدث في مواعيد الإيرادات المخصصة لتلك المشاريع أو المنشآت من قبل السلطة المركزية.

       وقد تعتمد الجماعات المحلية في تمويل مشروع ما على قرض من القروض، فإذا بهذا القرض تكتفنه بعض الصعوبات والعراقيل و لا يرد في وقته مما يعرقل المشروع الذي خصص له هذا القرض أو ذاك.

وكثيرا ما نجد أن الجماعات المحلية تقيم بعض المباني أو المنشآت لإقامة مستشفيات أو عيادات أو منتزهات ترفيهية ولا يرد التمويل المخصص لها بعد أن أنفقت عليها مبالغ ضخمة، ثم ينتهي الأمر بعدم التنفيذ وتضيع بذلك كل النفقات التي أنفقت عليها تلك البنايات أو المنشآت.

ثانيا: عدم وجود تخطيط دقيق.

       إن عدم وجود جهاز تخطيط فعال لدى الجماعات المحلية قادر على استيعاب قواعد التخطيط الدقيق من دراسة البرامج والمشاريع الأساسية ومواعيد تنفيذ كل خطوة من خطواتها، ومواعيد إنجازها ثم دراسة البدائل والأوليات في المشاريع مع كفاءة تقدير المبالغ المالية المخصصة لكل فترة من فترات الإنجاز.

       ولعل الكثير من الجماعات المحلية في الدول النامية لا تتوفر على جهاز تخطيطي كفء يقوم بالمهام الموكلة إليه على أكمل وجه، وإن وجد هذا الجهاز في بعض الدول فعمله صوري يعتمد في كثير من الأحيان على جهاز التخطيط المركزي الذي يدرس المشاريع والبرامج دون وعي كامل بالحاجات المحلية، وكثيرا ما تقام المشاريع ويصرف عليها الكثير من الأموال ثم تعدل الحكومة عن تنفيذها أو إنجازها، وتؤثر مثل هذه الحالات بدرجة كبيرة في الدول النامية، حيث تضطر إلى زيادة نفقاتها كي تتلافى النقص في إشباع الحاجات العامة بها.

 

 

ثالثا: فشل السوق في إشباع الحاجات الأساسية:

       يتميز السوق في الدول النامية بالضيق وعدم انتظامه، ولذلك تتدخل الدولة دائما بإنتاج الكثير من السلع الأساسية للمجتمع والإشراف على تسويق هذه السلع وتحديد ثمنها، وهذا يحتاج منها إلى مزيد من الإنفاق سواء في الإنتاج، أو في الإشراف الذي يتطلب مراقبة دقيقة على الأسواق، حتى لا تنشأ السوق السوداء، مما يؤدي إلى اختفاء الكثير من السلع وبالتالي تباع بأكثر من الثمن المحدد.

       وكلما زاد عدد السكان، كلما زادت الهجرة إلى المدينة وزادت معها مشاكل السوق أكثر فأكثر، وهذا ما يحدث دائما، كما أن سكان القرى النائية ينتقلون إلى المدن لشراء هذه السلع مما يؤدي إلى زيادة العبء على الجماعات المحلية في توفير السلع خصوصا حيث أنها مسؤولة عن إشباع حاجات السكان الأساسية بحكم قربها من السوق، ولذلك تزيد نفقاتها بصفة دائمة.

إضافة إلى ما سبق يمكن ذكر ثلاثة أسباب أخرى تؤدي إلى زيادة نفقات الجماعات المحلية نوجزها باختصار، وهي ([10]):

1 - تطور مهام الجماعات المحلية:

إذ أصبحت تلعب دورا هاما في استقطاب الاقتصاديين والاجتماعيين والمهتمين بالتنمية المحلية من خلال ما توفره من فرص استثمار محلية تنموية.

       غير أن ما تشهده الجزائر اليوم هو أن جل الجماعات المحلية ونتيجة مواردها المالية بالنظر إلى مستويات التشغيل والتجهيز المنخفضين ليس لها الإمكانات الكافية لإنجاز وتسيير المشاريع وهذا ما يمكن ملاحظاته ميدانيا من خلال تباين معدلات إنجاز المشاريع البلدية للنهضة من بلدية لأخرى ([11]) مما يستوجب على الجماعات المحلية زيادة النفقات العامة لتغطية عمليات التأخير في الإنجاز مما يشكل عبئا على الدولة.

2 - التطور التقني المذهل:

إن إدخال الوسائل الحديثة المتطورة للجماعات المحلية لجعلها مواكبة للتحولات الكبرى للاقتصاد الوطني يستدعي زيادة النفقات العامة على جملة هذه الوسائل والآلات.

3 - تطور مفهوم المالية المحلية.

إذ أصبحت في كثير من البلدان المتطورة تتمتع باستقلالية سواء من حيث الإيرادات أو النفقات.

أضف إلى جملة الأسباب السابقة، انخفاض قيمة النقد، واختلال طرق المحاسبة إذ أن الأولى تؤدي إلى ارتفاع المستوى العام للأسعار مما يؤدي إلى الزيادة في النفقات العامة أما الثانية فتكمن في اختلاف طرق التنفيذ المحاسبي، وذلك كما لوحدت وأن خصصت إيرادات معنية لنفقات معينة في سنة مثلا كما يسمى بمبدأ تخصيص الإيرادات العامة فإذا ألغيت قاعدة التخصص في السنة الموالية فإن هذه الزيادة في النفقات الناتجة عن تغير طرق المحاسبة تعتبر زيادة في النفقات ([12]).

II 1 – 2 الأسباب غير الاقتصادية.

       يمكن أن نوجز الأسباب غير الاقتصادية التي تؤدي إلى زيادة النفقات العامة للسكان في الجماعات المحلية للدول النامية في ما يلي:

أولا: قدم المرافق الأساسية وعدم كفاءتها:

وذلك كون أغلبية الدول النامية محملة بأعباء كثيرة نتيجة قدم المرافق الأساسية. أو عدم وجودها، والتي تحتاج إلى أموال طائلة ودقة في التنفيذ، وهذه المرافق الأساسية هي المهام الأولى للجماعات المحلية، ولذلك فهي تحتاج إلى زيادة نفقات الإنفاق العام لإقامتها أو التوسع فيها أو تجديدها بما يتلاءم وظروف كل مجتمع. فلا تزال مثلا العديد من المدن الجزائرية تعاني من النقص في المجاري الصحية ومجاري المياه، وكذلك ضعف المرافق الأساسية أو انعدامها في بعض المناطق خاصة الصحراوية منها مما يتطلب من البلديات أو الولايات زيادة الإنفاق العام لتغطية هذا العجز.

ثانيا: الزيادة السكانية.

       نظرا للزيادة المرتفعة في أغلب الدول النامية، والتي تتراوح نسبتها بين 2.5 إلى 9%  مما يؤثر على برامج التنمية الاقتصادية المحلية وعلى قدرة الجماعات المحلية في استيعاب الحاجات المتزايدة للسكان، إضافة إلى عامل الهجرة من الأرياف إلى المدن الذي يسبب الكثير من الاضطرابات في معظم الخدمات المقدمة للسكن كالمواصلات والمياه…الخ، مما يجعل السكان يعانون دوما من الاحتياج المستمر مما يدفع الجماعات المحلية إلى زيادة نفقاتها بدرجة كبيرة حتى تلبي الحاجات المتزايدة بكفاءة.

ثالثا: التوسع العمراني للسكان :

مما يؤدي إلى بالجماعات المحلية إلى زيادة نفقاتها لتغطية المتطلبات الضرورية لهؤلاء السكنات كتوسع شبكات المياه وقنوات الصرف الصحي مما يزيد في نفقات قسم التجهيز والاستثمار ([13]).

II – 2 أسباب زيادة النفقات في الدول المتطورة.

       تتعدد أسباب زيادة النفقات في الدول المتقدمة، وتختلف عنها في الدول النامية، وتشتمل على أسباب اقتصادية وأخرى غير اقتصادية، وسنحاول أن نتعرض إليها بشيء من الإيجاز.

II 2 – 1 الأسباب الاقتصادية.

       من جملة الأسباب الاقتصادية التي تؤدي إلى زيادة نفقات الدول المتقدمة مايلي:

أولا: التقدم التكنولوجي.

       يعد التقدم التكنولوجي من أهم الأسباب المؤدية إلى زيادة النفقات المحلية إذ مادامت الدول تتجه نحو التصنيع وتوسع قطاع الخدمات في عالمنا اليوم فإن السوق يحتاج إلى قوانين لتنظيمه وبناء قواعد قانونية للالتزام بها، كما أنه يولد التزامات على الحكومة لإقامة القواعد الأساسية للتنمية والتدخل المنظم لكي ينمو الاقتصاد، خاصة إذ صاحبه تطور في المجال المصرفي الذي يلعب دورا أساسيا في تمويل الاستثمارات المحلية. وبالتالي الوصول إلى الرفاهية العامة للمجتمع ([14]).

ثانيا: زيادة النفقة بسبب التدخل الحكومي لتغطية فشل السوق.

       والمقصود بذلك ضرورة مساهمة القطاع الخاص في زيادة الاستثمارات كإقامة الطرق وتعبيدها وزيادة وسائل المواصلات وتسهيلها باعتباره المكمل الأساسي للإنشاءات الاستثمارية العامة ويجب أن يستثمر في حثها على زيادة التقدم الاقتصادي، ويتطلب الأمر في هذه الحالة قيام الدولة بإبعاد السوق عن الفشل بتقويمه سواء بالأنظمة القانونية والمراقبة الدقيقة أو بإقامة المنشآت الضرورية التي يفشل السوق في إقامتها، وذلك لكي يحصل المجتمع على أقصى إشباع ممكن، وبذلك تزيد ميزانية الدولة وتزيد رفاهية النفقات العامة بصفة دائمة ومستمرة.

ثالثا: رغبة الجماهير:

       والمقصود به هوان الجماعات المحلية تعرض على المواطنين رغبتها في زيادة الإنفاق، ولكن في ذات الوقت تفرض عليهم تكاليف، وهذه الزيادة إنما تعرضها الجماعات المحلية نتيجة رغبة الجماهير في زيادة الخدمات الاجتماعية المحلية والرفاهية العامة، تلكم هي بعض الأسباب الاقتصادية *.

 

II 2 –2 الأسباب غير الاقتصادية.

من بين الأسباب غير الاقتصادية لزيادة النفقات العامة المحلية في الدول المتطورة ما يلي:

أولا: الزيادة السكانية.

       تعد الزيادة السكانية سواء في الدول النامية أو الدول المتطورة سببا رئيسا في زيادة النفقات العامة ولذلك لجأت بعض الدول كالصين ** وغيرها إلى الحد من الزيادة السكانية سواء عن طريق قوانين تمنع كثرة الإنجاب أو عن الحملات الإشهارية الموضحة لخطر كثرة الإنجاب، وهي بهذه الطرق تحاول التقليل من الزيادة المفطرة للنفقات العامة.

ثانيا: الرغبة في الرفاهية أكثر.

       إن المجتمعات المتقدمة ورغم وصولها إلى حد كبير من الرفاهية إلا أن سكانها يتوقون دوما إلى الاستمتاع أكثر من خلال ابتكار واختراع وسائل جديدة للرفاهية، مما يفرض على الحكومات سواء المركزية أو المحلية تلبية حاجاتهم المتزايدة ورغباتهم المتجددة، وهذا ما يؤدي إلى اتساع النفقات العامة سواء للحكومة المركزية أو للجماعات المحلية، والجدير بالذكر أن ما يراه سكان الدول النامية حاجات كمالية يراه سكان العالم المتطور حاجات ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها نظرا للتطور التكنولوجي الهائل، فعلى سبيل المثال يعد الهاتف النقال في الجزائر مثلا حاجة كمالية بينما يراه سكان بريطانيا مثلا أو فرنسا حاجة ضرورية.

III - ترشيد النفقات العامة للجماعات المحلية.

قد تكون المؤسسات والمنشآت المقامة من طرف الحكومات في المناطق المحلية ممولة من طرف الميزانية العامة للدولة، كما قد تتعاقد الحكومة المركزية مع إحدى القطاعات الخاصة لإنشاء مؤسسة ما أو تجديدها ويكون التمويل مركزيا، ونجد بلديتان  أو أكثر تتفقان على إقامة أو تجديد مرفق مشترك أو مشروع معين حيث يكون التمويل مقسما بين طرفين أو الأطراف المشتركة، وكثيرا ما نجد الجماعات المحلية تقوم بإنشاء مؤسسات تجارية أو شبه تجارية بأصول مالية محلية، حيث تكون مستقلة ذاتيا في الاستثمار والاستغلال والإنتاج والاستهلاك، وهذا بسبب حاجة المجتمع المحلي لخدماتها ولمنتجاتها.

وقد تشرف على تنفيذ هذه الحاجات بنفسها عن طريق موظفيها، أو تتعاقد مع القطاع الخاص ويكون التنفيذ في هذه الحالة بأموال محلية، وغالبا ما تكون في حاجة لشراء أدوات ومواد من القطاع الخاص لتنفيذ الأعباء الملقاة عليها، مما يستدعي وجود رقابة على هذه الأموال من قبل الهيئات العليا، لترشيد مجمل النفقات على هذه المشاريع وسنتناول هذا من خلال التطرق إلى الرقابة على نفقات  الجماعات المحلية وكذا القواعد العامة لترشيد هذه النفقات.

III – 1  التوازن في الحاجات العامة الأساسية للجماعات المحلية.

       إن السلع والخدمات العامة المحلية عديدة ومختلفة، وتختلف من زمان إلى زمان آخر،  ومن مكان لآخر بحسب الظروف البيئية وأحوال المجتمع، ولكن هناك خدمات وسلع عامة يجب على الجماعات المحلية توفيرها لأفراد المجتمع لكونها سلعا وخدمات ضرورية وأساسية في جميع المجتمعات، ومنها الصحة والمواصلات والنظافة والكهرباء.

       ففي الدول المتطورة تقوم الجماعات المحلية والحكومات المركزية بتحسين أداء  هذه الخدمات وفق التطور الحاصل في الميدان التكنولوجي فيما يتفق مع الزيادة السكانية ورفاهية المجتمع، أما في الدول النامية فمازالت الجماعات المحلية وكذا الحكومات تعمل ببطء على إقامة القواعد الأساسية للتنمية وإقامة شبكة واسعة من الخدمات الضرورية للمجتمع ثم إيجاد الوسائل الكفيلة لإشباع المواطن بالسلع الأساسية. لحياته وصحته. ويجب أن يتوفر شرطان أساسيان لكي يتوافر في هذا العمل قدرته على التقدم الاقتصادي داخل الجماعات المحلية ([15]) هما:

أولا: يجب أن تسير هذه الخدمات والسلع الأساسية جميعها في خط متوازن فيجب أن يسير الإنفاق على التعليم وتنفيذ خطواته أولا بأول مسايرا مثلا للإنفاق على الصحة العامة وإقامة المستشفيات، والعيادات الصحية. وكذا مسايرة الصحة والتعليم لجميع الخدمات والسلع الأساسية، مما يؤدي التوازن بين المرافق والخدمات الضرورية والتقدم الحاصل في الاقتصاد فقد استجابت الكثير من الحكومات للأزمات المالية وتوفر التكنولوجيا الجديدة وتوسع اهتمامات المواطنين بنقل الموارد ومسؤولية التعليم والصحة إلى السلطات المحلية مما أدى إلى التجاوب بين السلطات المحلية والسلطات المركزية.

ويمكننا في هذا المجال أن نوضح ذلك من خلال المثال التالي:

       إذ كان التعليم الابتدائي في ولاية "ميناس جرسي " في شرق البرازيل يواجه في الثمانينات كثيرا من المشاكل الشائعة في أنظمة التعليم في البلدان النامية كارتفاع معدلات الإعادة، وتدني درجات التحصيل، والذي أسهم في خلق هذه المشكلات وجود إدارة مركزية مفرطة في وضع التنظيمات، وعدم كفاية التمويل وفي التسعينات تم القيام بسلسلة من الإجراءات لتعزيز دور السلطات المحلية في هذا الجانب من حيث التمويل والمراقبة فأسفرت هذه التجربة عن نتائج مشجعة ([16]).

وبمعنى آخر ليست هناك أولويات لا في الخدمات ولا في السلع ما دامت ضرورية لخلق منفعة للمواطن وتكوينه بحيث يكون عاملا نافعا للمجتمع، بل يجب أن تكون متوازنة، ويسير الإنفاق عليها في توازن كامل وإلا حدث اختلال في حاجات الأفراد الضرورية وأي خلل في أي خدمة أو سلعة يضر بالمجتمع.

غير أن هذا التوازن غير قائم في كثير من الدول النامية، بل يوجد خلل في كثير من المرافق وفي السلع اللازمة لهذه المجتمعات.

ثانيا: يجب أن تكون هذه المرافق الأساسية والسلع الضرورية متوفرة لإشباع رغبات المواطن في جميع الناطق المحلية، بل وفي جميع أرجاء الدولة فلا يمكن بأية حال أن تتوفر السلع والخدمات في منطقة دون أخرى، كأن تتوفر جميع المرافق في بعض المدن، ولا تتوفر في باقي المدن إذ لابد أن يكون هناك توازن كامل في توفير السلع والخدمات في. المناطق فأي خلل في منطقة يؤثر على المناطق الأخرى وبالتالي على النمو الاقتصادي.

فعلى سبيل المثال أظهرت دراسة أجريت على مجموع بلديات الوطن، أن هناك أربع أصناف من البلديات هي ([17]):

1 - المجموعة الأولى: والتي تساعد على التنمية والتي تملك إمكاناتها الخاصة لضمان تطور ملائم في سياق الأهداف الوطن وتضم 302 بلدية مقسمة إلى فرعين:

       - الأولى: تتكون من 116 بلدية ونسبة غنى متوسطة قدرها 483 دج/ للفرد الواحد.

       - الثانية: تضم 186 بلدية ونسبة غنى متوسطة قدرها 405 دج/ للفرد الواحد.

وتتميز هذه الفئة بضعف نسبة النشاط في القطاع الفلاحي.

2 - المجموعة الثانية: لا تسمح لها وسائلها الخاصة بالتطور وتتطلب دعما معتبرا تشكل هذه المجموعة 877 بلدية وتتميز بأعلى نسبة نشاط في القطاع الفلاحي:

3 -  المجموعة الثالثة: تتوفر فيها فرص تنمية متوسطة القدر وتتطلب دعما من السلطات العمومية وتتكون من 358 بلدية وتتميز بنسبة غنى متوسطة قدرها 241 دج للفرد الواحد.

4 -  المجموعة الرابعة: ومشكلة من 04 بلديات تحمل ونسبة غنى حدها منه تفوق 4000دج للفرد الواحد.

كما أثبتت الدراسة تصنيفا آخر حسب الولايات كما يلي:

1 – ولاية الجزائر تتميز عن باقي الولايات بجل المرافق والاستثمارات نظرا لنشاطاتها المتعددة.

2 – ولايتا إليزي و تندوف الولايات الأكثر تهميشا.

3 – 13 ولاية حضرية تمثل الصناعةُ النشاط الرئيس.

4 – 23 ولاية صحراوية وهي مناطق فلاحية ورعوية.

5 – 09 ولايات في المناطق الجبلية والهضاب العليا يرتبط النشاط الأساسي فيها بالفلاحة

الغذائية والبناء والأشغال العمومية.

 وسنوضح هذا التصنيف من خلال الجدول التالي:


التصنيف 1

التصنيف 2

التصنيف 3

التصنيف 4

التصنيف 5

16 الجزائر

33 إليزي

37 تندوف

06 بجاية

09 البليدة

13 تلمسان

15 تيزي ووزو

23 عنابة

25 قسنطينة

30 ورقلة

31 وهران

35 بومرداس

36 الطارف

42 تيبازة

48 غليزان

21 سكيكدة

01 أدررار

02 الشلف

03 الأغواط

04 أم البواقي

07 بسكرة

08 بشار

11 تمنراست

12 تبسة

14 تيارت

17 الجلفة

20 سعيدة

22 سيدي بلعباس

24 قالمة

27 مستغانم

29 معسكر

32 البيض

34 الوادي

40 خنشلة

41 سوق اهراس

44 عين الدفلة

45 النعامة

46 عين تموشنت

47 غرداية

05 باتنة

10 البويرة

18 جيجل

19 سطيف

26 مدية

28 مسيلة

34 برج بوعريريج

38 تيسمسيلت

43 ميلة

المصدر: المركز الوطني للدراسات والتحاليل الخاصة بالتخطيط

ويمكن الاستنتاج من خلال التصنيفين السابقين أن هناك اختلالات جهوية بين مختلف المناطق في الجزائر مما أثر على التنمية الوطنية، ولذلك وجب على الحكومة المركزية أن تبذل قصارى جهدها في تحقيق هذا التوازن ومعالجة هذه الإختلالات.

III – 2 الرقابة على الجماعات المحلية

إن الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والمجتمعية لمعظم عمليات الجماعات المحلية تستلزم وجوب قياس الأداء طبقا لمؤشرات قيمة النفقات، وطبقا لعلاقة النفقات بالتكاليف المتعلقة بها، وبأخذ طبيعة النشاطات للجماعات المحلية بالاعتبار، فسيكون تحديد أي مؤشرات أداء تعكس الأهداف والإنجازات في المناطق المختلفة للنشاطات عملا صعبا، ففي مناطق كالتعليم والخدمات الاجتماعية يكون من الصعوبة بمكان الحصول على قياسات كمية للقيمة المطلقة للمخرجات المنجزة.

وإذا كانت مرافقة أو خدمات الجماعات المحلية تستخدم من قبل الأشخاص مجانا سوف يكون من الصعب جدا أو من المكلف جدا أن تحصل على معلومات منتظمة لاستخدامها من قبل الأشخاص المنتفعين بالخدمة، بالإضافة إلى أن اختيار مؤشرات الأداء سيتأثر بشكل خاص بمدى سهولة القياس وقد حدد مشاكل القياس هذه الصورة ما اختيار المؤشرات ومقدرتها على عكس النفقات التي صرفها.

       إذ أصبح في الإمكان تعريف وقياس مؤشرات الأداء بشكل جيد فإن هناك سؤال يثار عن النتائج التي ينبغي تحليلها.

ويمكن أن نميز أربعة أنواع من التحليلات ([18]):

1 – تحليل مقابل القواعد الموضوعة مسبقا، أو الأهداف التي تعكس الالتزام أو الأهداف المرغوب فيها من قبل السلطة.

2 – تحليل مقابل أداء السلطات الأخرى.

3 – تحليل مقابل الأداء السابق.

4 – تحليل الأداء المقارن للعناصر الأساسية المختلفة للعملية خاصة بين المرافق المختلفة ووحدات الخدمات العاملة في المناطق المختلفة.

       وتحليل مؤشرات الأداء لجزء من عملية الصنع القرار المبني على المعلومات  في الجماعات المحلية، إذا كان تحليل ومراقبة الأداء ثم تفسيرها وفهمها بعناية يمكن أن يكون مساعدين ثمينين لتعريف المكان الأساسي لتحسين الأداء وتحقيق الأهداف أو تحسين الكفاءة.

والجدير بالملاحظة أن الحاجة إلى الحذر في التفسير والفهم لا تعني مراقبة الأداء يمكن إهمالها بل ينبغي أن تكون أداة أساسية للإدارة.

ولمراقبة الأداء صلات بالمناطق والنشاطات التي يمكن تحسين الأداء بها ويمكن أن تتم مراقبة الأداء على مستويين مختلفين، أدناهما أنها تستخدم كمصدر معلومات في عملية الموازنة والخطة السنوية التي بها تتخذ القرارات حول إعادة توزيع طويل المدى للمصادر والأهداف المقرر إنجازها ومستوى الخدمات المقدمة.

طرق مراقبة أداء الجماعات المحلية:

       مراقبة أداء الجماعات المحلية عملية معقدة ومن الواضح أن كان مردود الإنفاق المالي المطلوب مراجعته داخل حدود الوقت المعتدل والتكاليف المقدرة سيكون اقتباس القواعد الأساسية طبقا للظروف وهناك ثلاثة طرق للمراقبة أداء الجماعات المحلية وهي([19]):

أ – دراسة تبني على المدخلات:

إن الدراسة التي تبنى على المدخلات تتعلق بالأمور المرتبطة بكفاءة معالجة الجماعات المحلية، فتعطى تكاليف النشاطات والمشاريع مزيدا من الاهتمام، ودراسة المدخلات تستطيع أن تجلب توفيرا في تكاليف الخدمات، والشيء المهم في ذلك هو أن هذه الدراسة تركز على تخفيض النفقات من غير تخفيض المخرجات أو الأداء.

ب – دراسة تبنى على الأنظمة:

       ترتكز هذه الدراسة على العاملين والبنية التنظيمية وأنظمة إجراءات الجماعات المحلية، غالبا ما تدعي الرقابة الإدارة.

ونلاحظ أنه إذا كان الأعضاء والكبار الموظفين توفر لهم مؤسستهم خدمة ضعيفة ولا تقدم لهم المعلومات الصحيحة أو أنظمة ضبط، سوف تقل قدرتهم على اتخاذ قرارات فاعلة، وإذا لم تنظم الجماعات المحلية نفسها على أساس سهولة التوافق مع المتغيرات في طريق التوظيف فلن يكون ممكنا تنفيذ التوصيات المبنية على أساس القدرة على اتخاذ القرارات الفضل أو بما يكون هناك إختلالات في نقد الخطة المرسومة.

والجدير بالذكر أن توظيف الأفراد في أماكنهم اللازمة يزيد من فعالية أي مؤسسة سواء كانت إنتاجية أو خدمية، لأن ذلك الفرد يحاول أن يوظف جميع قدراته العلمية والمعرفية في الشيء الذي تكون من أجله.

مما يجعله قوة اقتصادية تزيد من الناتج المحلي والوطني في مختلف مجالات النشاط الاقتصادي وهذا ما يتوافر لدى الدول الصناعية الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية واليابان وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ([20]).

والملاحظ في الجزائر أن التوظيف في الإدارة المحلية لا يخضع للمعايير العلمية في توظيف الأشخاص، وبالتالي نتج عنه إختلالات كبيرة في سيرورة تطبيق القوانين وإختلالات كبيرة في أداء الجماعات المحلية في الجزائر.

       وأن الهدف الأساسي للدراسة التي تبنى على الأنظمة هو تحسين كفاءة الجماعات المحلية، ولتحقيق هذا الهدف ينبغي تأهيل الطاقم الإداري المشرف على سير الإدارة المحلية بشكل يساعد الإدارة المحلية في اتخاذ القرارات الجادة والفعالة.

جـ – دراسة تبنى على المخرجات:                                         تعتبر الدراسة التي تبنى على المخرجات أعقد الطرق الثلاث إذ أنها عبارة عن مفاهيم صعبة مثل القيمة والاستحقاق والتقدم في مواجهة الأهداف التي يمكن تحديدها كميا، لا يمكن تجنب دخولها في المعادلة عند محاولة مقارنة مخرج البرامج للسلطات المحلية بالتكاليف والمدخلات الأخرى ذات العلاقة ([21]) قد تنفذ الجهات الخارجية تقييما للأداء ومن المفيد الحصول على موضوعية خارجية متصلة بمقارنة مهنية منظمة.

       وهذا النوع من مراجعات الأداء الخارجية قد تم تطويره بدرجة كبيرة في الولايات المتحدة الأمريكية.

ثانيا: الرقابة الإدارية على المجالس المحلية:

       تتمثل الرقابة على المجالس المحلية في مجلس المحاسبة الذي يراقب الحسابات الإدارية سواء البلديات أو الولاية كما نص عليه القانون الولاية والبلدية حيث يراقب هذا المجلس الحسابات الإدارية للجماعات المحلية يقوم بتصنيفها وفقا للتشريع المعمول به([22]).

       كما تقوم البنوك المانحة للقروض للجماعات المحلية أو المتعاقدة معها حول المشاريع بممارسة الرقابة على المشاريع المشتركة سواء كانت مشاريع خدمية أو إنتاجية، ويمكن لها أن توقف التمويل من أجل دفع الجماعات المحلية لتصحيح الأخطاء في المشاريع.

وتخضع الجماعات المحلية لمراقبة الهيئات التشريعية لكنها تبقى في الجزائر أقل فعالية منها في الدول المتقدمة، ففي فرنسا مثلا تخضع الجماعات المحلية للرقابة من طرف البرلمان الذي بإمكانه تحديد اختصاصاتها، بل وإلزامها بأداء بعضها وأن يبين علاقة هذه المجالس بالسلطتين التنفيذية والقضائية فيخصها لرقابتها ([23]).

إن إقامة المداولات الخاصة بالميزانية الولائية أو البلدية يتم دراستها من قبل المنتخبين المحليين ثم المصادقة عليها من قبل الولاية أو الوزارة، يعد نوعا آخر من الرقابة على الجماعات المحلية المتبعة في القانون الجزائري.


III – 3 قواعد ترشيد النفقات العامة:

       إن الجماعات المحلية تختص كما ذكرنا سابقا بإقامة القواعد والمشاريع الأساسية للتنمية الاقتصادية وتوفير الخدمات الضرورية للمجتمع وكذا السلع اللازمة وبأسعار معقولة وهي تشرف كذلك على السوق لتلاقي النقص في المواد، ولذلك وجب عليها أن تسترشد بجملة القواعد التالية:

       عندما تنتهج الجماعات المحلية بأسلوب تحديد الأسعار الخاصة بسلعها وخدماتها يجب عليها إتباع نظرية المنفعة، أي يجب أن تكون هذه السلع والخدمات في مجموعها مساوية لأثمانها، أي لا تكون كل سلعة وخدمة مساوية لثمنها تماما بل تنقسم على النمط التالي:

1 – هناك بعض الخدمات التي تقدم مجانا إلى الأفراد رغم أنها تكلف الكثير من النفقات نذكر منها على سبيل المثال خدمات الأمن، الصحة العامة، التعليم، ولتمويل هذه الخدمات يجب على الحكومة المركزية أن تمنح كل المساعدات الكافية للجماعات المحلية.

2 – هناك بعض السلع والخدمات تقدم بأقل من سعر التكلفة وأيضا تساعد الحكومة المركزية في التمويل بسبب استحالة استغناء أفراد المجتمع عنها محافظة على صحته لاستمرار حياته كالخبز وغيرها.

3 – كذلك هناك سلع وخدمات تقدمها الجماعات المحلية بسعر التكلفة حيث ترها ضرورية مع ملائمة سعر التكلفة لجميع أفراد المجتمع.

4 – أما النوع الثاني فهي السلع والخدمات التي سعرها يزيد عن سعر التكلفة والتي تحقق أرباحا معتبرة رغم أن هذا ليس الهدف منها، والغرض من إنتاجها هو منع استردادها من الخارج وتوفير مناصب الشغل بإقامة مصانع لها وبالتالي اكتساب خبرة فينة.

ثانيا: من حيث أفراد المجتمع.

       إن السلع والخدمات لكل مجتمع يجب أن تكون كافية لتلبية حاجيات أفراده المتلائمة مع أذواقهم وعاداتهم وتقاليدهم، ولهذا السبب يجب مراعاة السكان من حيث:

1 – الكثافة السكانية: يجب أن يكون هناك ارتباط بين زيادة الطلب وحجم الإنتاج من السلعة أو الخدمة بحيث يكون هذا الأخير يكفي لإشباع جميع أفراد المجتمع، وهذا حسب عدد السكان.

2 – أعمار السكان: يجب أن يكون هناك تناسب بين نوعية السلع والخدمات وبين عدد الشيوخ أو الشباب أو الأطفال في المجتمع، وإلا سوف يحدث تضارب حيث نجد السلع اللازمة تفيض عن حاجة المجتمع بينما نجد الأخرى في ندرة تامة وبالتالي يؤدي إلى ضياع في النفقات بالدرجة الأولى، ونقص في إشباع حاجات المجتمع بالدرجة الثانية.

3 – نوعية السكان: لكي يكون هناك تناسق بين السلع المنتجة والخدمات وبين حاجات المجتمع بمختلف أنواعه، لابد على الجماعات المحلية أن تقوم بدراسة حول المجتمع المحلي.

4 – دخل الأفراد المجتمع: من الضروري أن تتناسب أسعار السلع والخدمات مع أفراد المجتمع بصفة عامة والطبقة الفقيرة بصفة خاصة، ولا ننسى أنه يجب على الجماعات المحلية والحكومية أن تنظر في المنتجات المجانية والأخرى التي تباع بأقل من سعر الخدمة تكلفتها وذلك بتوجيهها إلى الطبقة المراد مساعدتها.

ثالثا: من حيث الخدمة أو السلعة نفسها.

1 – لا يمكن أن نستورد سلع أو خدمات من الخارج لا تشبع حاجات أفراد المجتمع أو كانت في وقت سابق وفي ظروف سابقة ضرورية لهم، وإذا حدث ما سبق فهذا ما يسمى بالاستخدام السيئ للمال العام.

2 – يجب أن يكون إنتاج السلع وتقديم الخدمات تبعا لعادات وتقاليد المجتمع مع مراعاة تغييرها في كل زمان ومكان.

3 – عدو وجود مساوئ أو عيوب في السلع والخدمات المقدمة لإشباع حاجات أفراد المجتمع.

4 – يجب أن يكون هناك تطابق بين الإدارة ومحيطها الاقتصادي والاجتماعي ([24]).

 

 

رابعا: التخطيط. 

       بعد قيام الجماعات المحلية بكافة الإجراءات اللازمة لدراسة ثقافة وكثافة سكان المنطقة، وكذلك مواردها الحالية المستقبلية يجب وضع تخطيط محكم ودقيق يشمل نوعية وكمية وتكاليف الحاجات التي تشبع أفراد المجتمع وهذا يكون لأجل طويل بحيث يجب أن يكون التخطيط يحتوي على ما يلي:

1 – أن تدرس الجدوى الاقتصادية لأي مشروع، لأن التكاليف في زيارة مستمرة وهذا بسبب انخفاض قيمة النقد، وكذا التضخم الاقتصادي وزيادة الأجور وارتفاع أسعار المواد، وهذه المشكلة أدت إلى عرقلة العديد من المشاريع التنموية في الكثير من الدول المتخلفة، كما هو حاصل في الكثير من البلديات والولايات الجزائرية حاليا.

2 – يجب أن لا يكون تغيير المشاريع مرتبط بتغيير الأشخاص، ولكن تبعا لخطة محدودة دون الاعتماد، هذا ملا نجده في الدول المتخلفة.

       ففي الجزائر مثلا نجد أن معظم المشاريع الاقتصادية يتغير اتجاهها بمجرد تغيير الأشخاص القائمين على التسيير سواء على المستوى الولائي أو البلدي، فنرى الكثير من المشاريع معطلة بينما تبقى أخرى في حاجة للمرافق الضرورية وذلك لأسباب عدة قد تكون تارة سياسية، وتارة أخرى جهوية بحتة، ومرة أخرى تقاعس من بعض المسيرين في تأدية مهامهم المنوطة بهم في جلب الاستثمارات والمشاريع إلى مناطقهم.

خامسا: من حيث الموظفون.

       إن الموظفون في الجماعات المحلية لا يملكون الخبرة اللازمة التي تؤهلهم لتأدية مهامهم، ومرتباتهم منخفضة لا تكفي لإشباع حاجاتهم لهذه الأسباب يجب ما يلي:

1 – تدريب الموظفين بصفة دورية لرفع كفاءتهم المهنية.

2 – توظيف ذو الكفاءات في أماكنهم المناسبة.

3 – تحديد مسؤوليات كل موظف داخل البلدية أو الولاية.

4 – تنظيم الموظفين داخل البلدية أو الولاية وذلك بإعطاء كل شخص مهمة معينة حتى لا يزيد عددهم عن حاجة العمل ولتسهيل أجهزة الرقابة.


  ([1]) ZEMOURI TOUFIK, « LA FISCALE LOCALES DANS LES FINANCES LOCALES » (TIPAZA :I.E.D.F 1989), P 45.   

(2) هويدي عبد الجليل ، المالية العامة للحكم المحلي دراسة مقارنة مع الإشارة إلى مصر (القاهرة، دار الفكر العربي 1990)، ص: 122.

(3) ص.ن.د تقرير عن التنمية في العالم، الدولة في عالم متغير ،1997 ، ص135.

(4)فوزي عبد المنعم ، المالية العامة والسياسة(الإسكندرية: منشأة المعارف، 1972)، ص494.

(5) عبد الجليل هويدي، مرجع سابق، 153.

(6) جريدة الصحافة، العدد 277 ليوم 26 مارس 2000.

(7)يونس منصور ميلاد ، مبادئ المالية العامة (طرابلس: الشركة العامة للورق والطباعة 1981)، ص31.

Ali ZIANE  mouamer. « Les finances publiques locales Analyse et perspectives d’une économie en(8)transition l’Algérie (thème doctorat, facule des sciences économiques et des gestion, Alger), P191.   

(9)هويدي عبد الجليل ، مرجع سابق، ص169.

(0[1])عواضة حسن ، المالية العامة – دراسة المقارنة – (بيروت دار النهضة العربية، الطبعة السادسة، 1983)، ص344.

(1[1])طاهر حسين ، التصنيف النموذجي للبلديات في الجزائر: التحولات المحلية، المركز الوطني للدراسات والتحاليل الخاصة بالتخطيط CENEAP، الجزائر، 1996، ص23.

(2[1])المحجوب رفعت، المالية العامة، (القاهرة: مكتبة النهضة العربية، 1990)، ص69.

(3[1]) GILBET. ORSONI, finances publiques (Paris, Publisud, 1989), P 270.

(4[1])هويدي عبد الجليل ، مرجع سابق، ص165.

* الأسباب الاقتصادية لزيادة النفقات العامة إنما تنطبق تماما على نفقات الحكومات المركزية والمحلية على حد السواء.

** في الصين مثلا هناك قوانين لا تسمح بالإنجاب أكثر من طفل، في حالة الإنجاب فإن الحقوق الخاصة بالأطفال لا تعطي إلا لطفل واحد فقط.

(5[1])هويدي عبد الجليل ، مرجع سابق، ص 176.

(6[1]) ص. ن. د، تقرير عن التنمية في العالم  1997،مرجع سابق، ص133.

(7[1]) مقبول الهادي، التصنيف النموذجي للجماعات المحلية، التحولات المحلية، المركز الوطن للدراسات والتحاليل الخاصة بالتخطيط CNEEAP، الجزائر، 1996، ص14.

(8[1]) محمد إسماعيل محمد، الرقابة المالية على مردود إنفاق الأموال ( الإمارات العربية المتحدة/ مطبعة المعارف، 1994)، ص110.

(9[1]) المرجع السابق، ص111.

(20)  د. أحمد سيد مصطفى، إدارة الموارد البشرية: منظور  القرن الحادي والعشرون ( مصر: دار الكتاب المصرية، 2000)، ص27.

(21) المرجع السابق، ص 114.

(22) قانون 90/09 المتعلق بالولاية، المادة 155.

(23) د. عادل محمود حمدي، الاتجاهات المعاصرة في نظم الإدارة المحلية، الرجع سابق، ص 412.

(24) صالح رويلي، اقتصاديات المالية العامة (طبعة الثانية، الجزائر : ديوان المطبوعات الجامعية، 1988) ص 87.

 



  ([1]) ZEMOURI TOUFIK, « LA FISCALE LOCALES DANS LES FINANCES LOCALES »PAZA :I.E.D.F 1989), P 45.  

([2])هويدي عبد الجليل ، مرجع سابق ص 129.

([3]) ص.ن.د تقرير عن التنمية في العالم، الدولة في عالم متغير ،1997 ، ص135.

([4])فوزي عبد المنعم ، المالية العامة والسياسة(الإسكندرية: منشأة المعارف، 1972)، ص494.

([5]) عبد الجليل هويدي، مرجع سابق، 153.

([6]) جريدة الصحافة، العدد 277 ليوم 26 مارس 2000.

([7])يونس منصور ميلاد ، مبادئ المالية العامة (طرابلس: الشركة العامة للورق والطباعة 1981)، ص31.

Ali ZIANE  mouamer. « Les finances publiques locales Analyse et perspectives d’une économie en([8])transition l’Algérie (thème doctorat, facule des sciences économiques et des gestion, Alger), P191. 

([9])هويدي عبد الجليل ، مرجع سابق، ص169.

([10])عواضة حسن ، المالية العامة – دراسة المقارنة – (بيروت دار النهضة العربية، الطبعة السادسة، 1983)، ص344.

([11])طاهر حسين ، التصنيف النموذجي للبلديات في الجزائر: التحولات المحلية، المركز الوطني للدراسات والتحاليل الخاصة بالتخطيط CENEAP، الجزائر، 1996، ص23.

([12])المحجوب رفعت، المالية العامة، (القاهرة: مكتبة النهضة العربية، 1990)، ص69.

([13]) GILBET. ORSONI, finances publiques (Paris, Publisud, 1989), P 270.

([14])هويدي عبد الجليل ، مرجع سابق، ص165.

* الأسباب الاقتصادية لزيادة النفقات العامة إنما تنطبق تماما على نفقات الحكومات المركزية والمحلية على حد السواء.

** في الصين مثلا هناك قوانين لا تسمح بالإنجاب أكثر من طفل، في حالة الإنجاب فإن الحقوق الخاصة بالأطفال لا تعطي إلا لطفل واحد فقط.

([15])هويدي عبد الجليل ، مرجع سابق، ص 176.

([16]) ص. ن. د، تقرير عن التنمية في العالم  1997،مرجع سابق، ص133.

([17]) مقبول الهادي، التصنيف النموذجي للجماعات المحلية، التحولات المحلية، المركز الوطن للدراسات والتحاليل الخاصة بالتخطيط CNEEAP، الجزائر، 1996، ص14.

([18]) محمد إسماعيل محمد، الرقابة المالية على مردود إنفاق الأموال ( الإمارات العربية المتحدة/ مطبعة المعارف، 1994)، ص110.

([19]) المرجع السابق، ص111.

([20])  د. أحمد سيد مصطفى، إدارة الموارد البشرية: منظور  القرن الحادي والعشرون ( مصر: دار الكتاب المصرية، 2000)، ص27.

([21]) المرجع السابق، ص 114.

([22]) قانون الولاية، مرجع سابق، المادة 155.

([23]) د. عادل محمود حمدي، الاتجاهات المعاصرة في نظم الإدارة المحلية، الرجع سابق، ص 412.

([24]) صالح رويلي، اقتصاديات المالية العامة (طبعة الثانية، الجزائر : ديوان المطبوعات الجامعية، 1988) ص 87.



27/01/2011
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 9 autres membres