DR. AOULMI.B

DR. AOULMI.B

الأزمة المالية العالمية واثرها على الاقتž

1
الأزمة المالية العالمية وأثرها على الاقتصاديات العربية
الدكتور فريد كورتل
رئيس الس العلمي للكلية
رئيس تحرير مجلة أبحاث روسيكادا الدولية العلمية المحكمة
كلية العلوم الإقتصادية وعلوم التسيير
جامعة سكيكدة الجزائر
الهاتف النقال : 00213775131012
الهاتف الثابت : 0021331522612
f.kourtel@yahoo.com : البريد الإلكتروني
مقدمة :
شكل تكرار الأزمات المالية في الدول النامية خلال التسعينات ظاهرة مثيرة للقلق والاهتمام، وترجع أسباب
ذلك إلى أن أثارها السلبية كانت حادة وخطيرة، هددت الاستقرار الاقتصادي والسياسي للدول المعنية، إضافة إلى
انتشار هذه الآثار وعدوى الأزمات المالية لتشمل دولا أخرى نامية ومتقدمة كنتيجة للانفتاح الاقتصادي والمالي
الذي تشهده هذه الدول ولاندماجها في المنظمة العالمية للتجارة، وتشير تقارير صندوق النقد الدولي إلى أنه خلال
1999 تعرض أكثر من ثلثي الدول الأعضاء في الصندوق لأزمات مالية واضطرابات مصرفية - الفترة 1980
حادة، كما أن وتيرة تلك الأزمات تكررت وتلاحقت عالميا، فشملت دول شرق آسيا وروسيا والبرازيل
والأرجنتين والمكسيك وبقية دول أمريكا اللاتينية، وزادت حدة الأضرار الناجمة عنها حيث قدرت خسائر اليابان
مثلا في الأزمة الآسيوية الأخيرة بحوالي 10 % من ناتجها المحلي الإجمالي، في حين قدرت خسائر الولايات
المتحدة الأمريكية بحوالي 03 %، وأكدت تقارير مختلفة لصندوق النقد الدولي أن أكثر من 50 % من تلك
الأزمات حدثت في الدول النامية وفي الدول ذات الأسواق الناشئة على الخصوص، مما يؤكد الحاجة إلى تحسين
مستوى الرقابة المصرفية في تلك الدول.
ويواجه الإقتصاد العالمي في الوقت الراهن أزمة مالية حقيقية عصفت باقتصاديات الدول المتقدمة والنامية
على حد سواء، حيث بدأت بوادرها في سنة 2007 وبرزت أكثر سنة 2008 ، ومن المتوقع أن تمتد لثلاث سنوات
أو أكثر، وقد كشفت عن هشاشة النظام الأمريكي القائم على الرأسمالية اللبرالية تمثلت مظاهرها في أزمة سيولة
نقدية أدت إلى انهيار العديد من المصارف وإعلان إفلاسها، وإنتهاءا بتدني أسعار الأسهم وانخفاض مؤشرات
البورصة وانهيار العديد منها، وتأثيرها امتد ليشمل اقتصاديات الدول العربية والاقتصاد الجزائر كجزء من
المنظومة العالمية وأثرها متفاوت على حسب حالة التشابك والاندماج في الإقتصاد العالمي.
2
وعليه سنحاول من خلال مداخلتنا البحثية -هذه - أن نستعرض مفهوم الأزمة المالية العالمية، وأسبابها،
وآثارها على الاقتصاديات العربية مع الإشارة إلى الإقتصاد الجزائري، ونقدم الجانب الإسلامي كأسلوب بديل
لتجاوز الأزمة الراهنة.
على هذا الأساس قمنا بتقسيم المداخلة إلى النقاط التالية:
الأزمة المالية العالمية: مفهومها، وأسباا. 􀀀
آثار الأزمة المالية العالمية على الاقتصاديات العربية . 􀀀
الرؤية الإسلامية كبديل لتجاوز الأزمة المالية العالمية. 􀀀
أولا: الأزمة المالية العالمية: مفهومها، وأسباا
تعد الأزمات المالية من أكثر المواضيع الاقتصادية تداولا نظرا لطبيعتها، وارتباطها بدورات الأعمال،
لذا سنتطرق لمفهوم الأزمات و أنواعها و ونقدم عرض لبعض الأزمات المالية مع التركيز على الأزمة
المالية العالمية- باعتبارها محور الداخلة- ونستعرض أسبابها ومظاهرها ضمن النقاط التالية.
1. ماهية الأزمة المالية :
يعرف السيد عليوة الأزمة بصفة عامة من الناحية الاجتماعية على أنها" توقف الأحداث المنظمة والمتوقعة
( وإضطراب العادات والعرف مما يستلزم التغيير السريع لإعادة التوازن لتكوين عادات جديدة أكثر ملائمة".( 1
ويعرفها محسن أحمد الخضيري على أنها " لحظة حرجة و حاسمة تتعلق بمصير الكيان الإداري الذي
أصيب بها مشكلة بذلك صعوبة حادة أمام متخذ القرار تجعله في حيرة بالغة، وبذلك فهي تتعلق ببعدين
( هما:( 2
• التهديد الخطير للمصالح والأهداف الحالية والمستقبلية.
• الوقت المحدد المتاح لاتخاذ القرار المناسب لحل الأزمة.
أما من الناحية الاقتصادية فيقصد بالأزمة بأنها" ظاهرة تعرف بنتائجها، ومن مظاهرها انهيار البورصة،
( وحدوث مضاربات نقدية كبيرة ومتقاربة، وبطالة دائمة".( 3
وتعرف الأزمة المالية بشكل خاص بأنها "انهيار النظام المالي برمته مصحوبا بفشل عدد كبير من
( المؤسسات المالية وغير المالية مع انكماش حاد في النشاط الاقتصادي الكلي".( 4
فالأزمة المالية هي" انهيار مفاجئ في سوق الأسهم، أو في عملة دولة ما، أو في سوق العقارات، أو
مجموعة من المؤسسات المالية، لتمتد بعد ذلك إلى باقي الاقتصاد، ويحدث مثل هذا الانهيار المفاجئ في
3
أسعار الأصول نتيجة انفجار" فقاعة سعرية" مث ً لا، والفقاعة المالية أو السعرية، أو فقاعة المضاربة كما تسمى
أحيانًا هي بيع وشراء كميات ضخمة من نوع أو أكثر من الأصول المالية أو المادية كالأسهم أوالمنازل
( بأسعار تفوق أسعارها الطبيعية أو الحقيقية." ( 5
من مجمل المفاهيم المقدمة نستخلص التعريف التالي للأزمة المالية:
هي تلك التذبذبات العميقة التي تؤثر كليا أو جزئيا على مجمل المتغيرات المالية، وعلى حجم إصدار وأسعار
الأسهم والسندات، وإجمالي القروض والودائع المصرفية، و معدل الصرف، وتعبر على انهيار شامل في
النظام المالي والنقدي.
وتبرز الخصائص الأساسية للأزمة المالية في النقاط التالية :
- حدوثها بشكل عنيف ومفاجئ، واستقطابها لاهتمام الجميع.
- التعقيد، والتشابك، والتداخل في عواملها وأسبابها.
- نقص المعلومات الكافية عنها.
- تصاعدها المتواصل يؤدي إلى درجات عالية من الشك في البدائل المطروحة لمجابهة الأحداث
المتسارعة.
- سيادة حالة من الخوف من آثار الأزمة وتداعياتها.
- أن مواجهة الأزمة يستوجب درجة عالية من التحكم في الطاقات والإمكانيات، وحسن توظيفها في إطار
تنظيمي يتسم بدرجة عالية من الاتصالات الفعالة التي تؤمن التنسيق والفهم الموحد بين الأطراف ذات العلاقة.
2. أنواع الأزمات المالية :
على إختلاف وتعدد أنواع الأزمات المالية والاقتصادية، يمكن تصنيفها إلى عدة أنواع كمايلي:
1.2 . أزمة مصرفية: تظهر الأزمات المصرفية عندما يواجه بنك ما زيادة كبيرة ومفاجئة في طلب سحب
الودائع وبالتالي تحدث "أزمة سيولة" لدى البنك، وإذا إمتدت إلى بنوك أخرى تحدث في تلك الحالة
وعندما تتوفر الودائع لدى البنوك وترفض ،"Systematic Banking Crisis" " "أزمة مصرفية
منح القروض خوفًا من عدم قدرتها على الوفاء بطلبات السحب تحدث أزمة إقراض أو ما يسمى
Overend & " ومن حالات التعثر المالي بنك بريطانيا ،" Credit Crunch" ب"أزمة ائتمان
. عام 1931 "Bank of United States" وبنك الولايات المتحدة الأمريكية ،"Gurney
2.2 . أزمة عملة "أزمة ميزان المدفوعات": تحدث الأزمة عندما تتعرض عملة بلد ما لهجوم مضاربي شديد
يؤدي إلى انخفاض قيمتها إنخفاضا كبيرا، وهو ما يفرض على السلطات النقدية خفض قيمتها وبالتالي
تحدث أزمة إنهيار سعر صرف العملة.
4
3.2 . أزمة أسواق المال "حالة الفقاعات": تحدث الأزمات في الأسواق المالية نتيجة ما يعرف اقتصاديًا
والتي تحدث عندما يرتفع سعر الأصل بشكل يتجاوز قيمتها العادلة نتيجة "bubble" " بظاهرة "الفقاعة
شدة المضاربة، ويكون الهدف من شراء الأصل هو الربح الناتج عن ارتفاع سعره وليس بسبب قدرة
هذا الأصل على توليد الدخل، و لكن بمجرد عودة أسعار الأصول إلى قيمتها الحقيقية يحدث الانهيار
وتصل إلى أدنى مستوياتها، ويرافق ذلك حالات من الذعر والخوف فيمتد أثرها نحو أسعار الأصول
الأخرى سواء في نفس القطاع أو قطاعات أخرى.
3. عرض بعض الأزمات المالية :
شهدت الأسواق المالية العالمية خلال القرن العشرين انهيارات كبيرة تسببت في حدوث أزمات مالية تميزت
بسرعة انتشارها وتباين أسباب حدوثها، وكان آخرها الأزمة العالمية الأمريكية والتي سنحاول التركيز عليها
وفيمايلي نستعرض مختلف الأزمات ضمن النقاط التالية:
1.3 . أزمة 1929 : شهدت العلاقات النقدية والمالية الدولية استقرارا نسبيا بعد تجاوز الأزمة التي اجتاحت
معظم دول العالم خلال فترة الحرب العالمية الأولى، ومع استمرار ارتفاع أسعار الأوراق المالية ببورصة
نيويورك منذ عام 1924 على مدى خمس سنوات متتالية أين وصلت إلى أعلى مستوياتها في 28 أكتوبر 1929
حيث سجل مؤشر داوجونز ارتفاعا كبيرا إذ انتقل من 110 نقطة إلى 300 نقطة بنسبة 273 % مما أدى إلى
حدوث أزمة حقيقية بخسارة المستثمرين لعملياتهم في الأسواق المالية بحوالي 200 مليار دولار، وإفلاس
( حوالي 3500 بنك في يوم واحد، وتميزت هذه الأزمة بالخصائص التالية: ( 6
• زعزعة الاستقرار النسبي في النظام الرأسمالي بكامله.
• كانت لها صفة الدورية انطلاقا من ارتباطها الوثيق بالأزمات الاقتصادية الدورية في النظام الرأسمالي.
• استمرارها لفترة طويلة نسبيا.
• عمق وحدة هذه الأزمة، ففي الولايات المتحدة انخفضت الودائع لدى البنوك ب 33 % كما انخفضت
عمليات الخصم والاقتراض بمقدار مرتين، ووصل عدد البنوك المفلسة من عام 1929 إلى 1933
أكثر من 10.000 بنك، أي حوالي 40 % من إجمالي عدد البنوك الأمريكية.
• الانخفاض الكبير في مستويات أسعار الفائدة، حيث كان سعر الخصم في بنك انجلترا خلال الفترة
1933-1930 بحدود 3.1 % مقابل 5.5 % في عام 1929 ويرجع سبب ارتفاع أسعار الفائدة مع بداية
الأزمة إلى تزايد الطلب على النقود لسداد القروض السابقة، فالمستويات المتدنية لأسعار الفائدة تسببت
في إطالة أمد الأزمة، كما أن المقرضين كانوا يغالون في طلب الضمانات على القروض مما كان
يؤدي إلى انخفاض الطلب عليها.
• اختلاف مدة وحدة الأزمة من بلد لآخر بشكل كبير.
5
• التقلبات الحادة في أسعار صرف العملات، مما نتج عنه انهيار النظام الذهبي في معظم الدول، ففي
انجلترا تم إيقاف قابلية إبدال النقود الورقية بالذهب بتاريخ 21 سبتمبر 1931 ، مما نتج عنه تدهور قيمة
(%84-% الجنيه الإسترليني، كما تسببت الأزمة في تخفيض قيم العملات الرئيسية الدولية ب ( 50
• توقف 25 دولة عن سداد قروضها الخارجية منها ألمانيا و النمسا.
وتعود أسباب أزمة 1929 إلى جملة من الانحرافات الحاصلة في الأسواق الدولية وتتلخص أساسا فيمايلي:
- ضآلة نسبة هامش الأمان في البيع النقدي الجزئي بنسبة 10 %، وباعتبار المتعاملين لم تتوفر لديهم
السيولة المطلوبة للرفع من مساهماتهم مما أدى إلى تصفية معاملاتهم المرتبطة بالشراء النقدي.
- البيع على المكشوف من طرف المضاربون للأسهم التي ليست في ملكيتهم بأسعار مرتفعة على أمل
شرائها عند انخفاض أسعارها مقابل هامش ربح.
- الممارسات غير الأخلاقية واستغلال تقة العملاء، والتلاعب في أسعار الأوراق المالية.
2.3 . أزمات الثمانينات: خلال الثمانينات حدثت أزمتين متتاليتين هما أزمة 1989،1987 ويعود السبب
الأساسي لنشوئهما في تغيرات الأسعار في أسواق رأس المال الناتجة عن اختلال التوازن بين العرض و
الطلب، وفيمايلي نتناول أهم أسباب وتداعيات الأزمتين ضمن النقاط التالية:
1.2.3 . أزمة 1987 "أزمة الاثنين الأسود": عرفت بورصة وول ستريت بنيويورك في 19 أكتوبر 1987
انخفاضا متتاليا في أسعار تداولاتها المالية صاحبه اندفاع المستثمرون إلى بيع أسهمهم مما أدى إلى انخفاض
مؤشر داوجونز بمقدار 508 نقطة في يوم واحد، مما أثر على باقي البورصات العالمية وكانت الخسائر
كبيرة، ففي بورصة نيويورك سجل انخفاض قدره 800 بليون دولار بنسبة 26 %، ولندن 22 %، وطوكيو
(7).% %17 ، وفي بورصة فرانكفورت 15 %، في أمستردام 12
و تعود أسباب الأزمة إلى انهيار أسعار 30 نوعا من أسهم أشهر الشركات الصناعية في الولايات المتحدة
الأمريكية حيث فقد مؤشر داوجونز نسبة 21.6 % من مستواه السابق، وانخفضت أسعار أسهم بورصة
نيويورك نتيجة الخلل في التوازن بين العرض والطلب الناشئ من جراء كثرة أوامر البيع بشكل واسع.
وتتلخص أهم الأسباب المؤدية إلى حدوث أزمة الاثنين الأسود في النقاط التالية:
. • نشاط السوق المالية الدولية بشكل مذل حيث بلغ ذروته سنة 1987
• قوة ارتباط الأسواق المالية فيما بينها.
• ضخامة الصفقات والعمليات المتداولة في الأسواق المالية العالمية.
• تنوع الأصول المتعامل بها.
• استخدام أحدث الأساليب في الاتصال، وأكثر التقنيات تطورا في إدارة الأنشطة والعمليات ساعد على
سرعة انتقال الأزمات من سوق لآخر.
• قوة العلاقات النقدية والمالية كان من أهم قنوات انتقال الأزمة، ومثال ذلك تداول العملات الرئيسية
. كالدولار تسببت تدهور قيمته في تفاقم الأزمة المالية الدولية في أكتوبر 1987
6
• التفسيرات المتناقضة التي تتعلق بكفاءة السوق المالية.
2.2.3 . أزمة 1989 : بدأت آثار الأزمة في شهر سبتمبر 1989 عقب إعلان الحكومة الأمريكية عن رفع
5% على التوالي، مع امتناع البنك المركزي الأمريكي "البنك الاحتياطي ،% أسعار الجملة والتجزئة بنسبة 9
الفدرالي" عن تخفيض أسعار الفائدة، وفي 13 أكتوبر 1989 انخفض مؤشر داوجونز بنسبة 190 نقطة، أي
بمقداره 7%، وفي طوكيو فقد مؤشر نيكاي 647 نقطة، كما أضاع مؤشر فايننشال تايمز 142 نقطة.
( وتختلف أزمة 1989 بالمقارنة بأزمة أكتوبر 1987 لأسباب عديدة أهمها: ( 8
• تحسن الظروف الاقتصادية وعدم توافر ما يدل على اقتراب حدوث أزمة اقتصادية.
• نظرا لارتفاع عوائد الأسهم (بسبب ارتفاع مستوى نشاط معظم الشركات وتحسن أرباحها)، ولم تكن
هناك دوافع لبيع الأسهم، لهذا كانت زيادة عرض الأسهم للبيع ضعيفة نسبيا و بعيدة عن أحداث تدهور
في الأسعار.
• اقتصار بيع الأوراق المالية (الأسهم خاصة) على المستثمرين الصغار دون تدخل الشركات الكبيرة،
مما يعني ضعف حجم و نطاق العمليات و بالتالي عدم تسببها في التأثير بشكل كبير على الأسعار.
• عدم وجود توقعات حول إمكانية ارتفاع أسعار الفائدة بشكل ملحوظ.
• إن إسراع المستثمرين عام 1987 لبيع أسهمهم تسبب فعلا في انخفاض الأسعار، أما عام 1989 فضل
المستثمرين عدم الاستعجال بالبيع، مما ساعد على تهدئة الأسواق والحد من انخفاض الأسعار.
• اتسم موقف الحكومة الأمريكية باللامبالاة في أزمة أكتوبر 1987 اتسم مما أثر سلبا وزاد في تفاقم
الأزمة، على خلاف عام 1989 حيث سارعت الحكومات إلى التدخل لإيقاف الأزمة، عن طريق
مواجهة عمليات البيع المتزايدة بحجم كبير جدا من السيولة، وهو ما ساعد على احتواء الأزمة.
3.3 . أزمة الأسواق المالية الناشئة: شهدت فترة التسعينات العديد من الأزمات منها الأزمة المالية التي
عصفت بالأسواق المالية الناشئة كالمكسيك، والأرجنتين، وفنزويلا...، ويقصد بالأسواق الناشئة على أنها
أسواق مالية لبلدان تعودت على تلقي تدفقات رؤس أموال خارجية ضخمة لفترة طويلة فأصبحت أكثر اندماجا
في السوق الدولية واستجابة وأشد حساسية لآليات السوق، ومع توقف هذه التدفقات النقدية حدثت الأزمة
المالية وأصبح الاقتصاد يواجه التزامات وديون مالية، وفيمايلي نأخذ نموذج من هذه الأزمة ونقدم شرح
لأزمة المكسيك ضمن النقطة التالية:
1.3.3 . أزمة المكسيك: حدثت أزمة المكسيك سنة 1994 بعد عجز ميزان العمليات الجارية في ميزان
المدفوعات أدى إلى عجز المكسيك عن سداد ديونها الخارجية مما نتج عنه انخفاض أسعار صرف العملة
2005 مقارنة بسنة 1994 ، وتعود الأسباب الرئيسية لتفاقم أزمة سعر /01/ الوطنية "البيزو" بنسبة 40 % في 31
الصرف المكسيكي إلى النقاط التالية:
• تقييم العملة الوطنية بقيمة أعلى من قيمتها الحقيقية، وإخفاء العجز في حساب العمليات الجارية.
7
• إلغاء قيود تحويل العملة الوطنية وتطبيق نظام التعويم الكامل، و فتح أسواق المال على مصراعيه
للاستثمار الأجنبي.
• التوسع في إستراد السلع التي يعتقد أن أسعارها سترتفع فيما بعد، وهذا الارتفاع ناتج عن المغالاة في
تقييم عملة البيزو.
• ارتفاع أسعار الفائدة، وإدارة الدين الحكومي قصير الأجل، والتوسع في منح الائتمان من قبل البنوك
هي من أهم الأسباب المؤدية لحدوث أزمة المكسيك، والتي دفعت بالحكومة المكسيكية إلى انتهاج
سياسة نقدية انكماشية للمحافظة على استقرار العملة.
4.3 . أزمة جنوب شرق آسيا: شكل النموذج التنموي الأسيوي مثالا نال إعجاب الكثير من الاقتصاديين،
وهو ما شجعهم على الاستثمار فيها، وقد عرفت دول جنوب شرق آسيا أزمات مالية قبل عام 1997 كأزمة
اندونيسيا عام 1978 ، وكوريا عام 1980 ...، إلا أن أزمة 1997 كانت من أخطرها، وتعود أسبابها إلى
تجاهل حكومات دول اندونيسيا، تايلاند، كوريا، ماليزيا للمشاكل المالية التي تتفاقم نتيجة ثقتهم في الأداء
الاقتصادي المتميز مما سبب لها أزمة سعر صرف حقيقية سنة 1997 حيث انخفضت أسعار الصرف بفعل
عمليات المضاربة على سعر العملة و تدنت الأرباح في أسواق الأسهم مما اضطر السلطات النقدية إلى رفع
الفائدة لهدف وقف التحويل من العملة الوطنية إلى العملات الأجنبية خاصة الدولار الأمريكي، فارتفعت أسعار
الفائدة في أسواق بعض هذه الدول إلى 200 % من السعر السابق، مما دفع بالمستثمرين للتخلص من الأوراق
50 % من ،% المالية التي لديهم والاستفادة من سعر الفائدة، وبلغت نسبة انخفاض أسعار الأسهم ما بين 25
أسعار السائدة في السوق، وقد بدأت الأزمة في تايلاند لاعتبارها أضعف الحلقات في المنظومة الآسيوية
عندما قام ستة من كبار تجار العملة في بانكوك بالمضاربة على خفض العملة الوطنية "البات" وذلك بعرض
كمية كبيرة منها للبيع، مما أضعف من قدرة الحكومة في الحفاظ على عملتها بسبب تآكل الاحتياطي خاصة
بعد قرار الأجانب بالانسحاب من السوق، ثم انتقلت العدوى إلى ماليزيا بإنهيار عملتها بنسبة 17.8 % في
1997/09/15 مقارنة بسنة 1996 ، أما التايوان رغم محافظتها على مستوى عملتها، إلا أنه انخفض مؤشر
سوق المال فيها بنحو 20 %، وكذلك الأمر لهونج كونج التي امتدت الأزمة إليها مما دفع بالحكومة إلى رفع
سعر الفائدة إلى 200 % فحدث تحول ضخم ورهيب للأموال من سوق الأوراق المالية إلى الأسواق النقدية،
مما أدى إلى انهيار أسعار الأسهم والسندات، وأثر بدوره سلبا على أسواق الدول المتقدمة كبورصة نيويورك،
لندن، باريس، فرانكفورت، وطوكيو.
وعما تتلخص أهم الأسباب الرئيسية لأزمة دول جنوب شرق أسيا ضمن النقاط التالية:
• كثرة تدفق رؤوس الأموال نحو هذه البلدان بسبب النمو الاقتصادي المرتفع، والاستقرار السياسي،
وإلغاء أوجه الرقابة على حركة رؤوس الأموال.
• منح قروض للقطاع الخاص دون ضمانات كافية.
8
• ضعف الجهاز المصرفي والمالي وعدم القدرة على تطويره، بالإضافة إلى انسحاب الحكومة من
القطاع المصرفي نتج عنه عدم كفاءة التخصيص المحلي للموارد الأجنبية.
• حرية البنوك في الاقتراض من الأسواق العالمية بأسعار فائدة منخفضة مما أدى إلى زيادة الإنفاق.
• تحويل الاستثمار في الأوراق المالية إلى إيداعات بالبنوك بسبب الرفع في أسعار الفائدة للحد من
التحويلات من العملة الوطنية إلى العملات الأجنبية.
• توسيع التعامل بالمشتقات المالية فتح المجال واسعا للمضاربات المحفوفة بالمخاطر.
• الاعتماد في تمويل العجز في الموازنة العامة على تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية.
5.3 . الأزمة المالية العالمية الراهنة "أزمة الرهون العقارية الأمريكية" مفهومها، وأسباا
1.5.3 . أزمة الرهن العقاري :
يواجه الاقتصاد العالمي في الفترة الراهنة أزمة مالية حقيقية عصفت بالأسواق المالية الدولية والوطنية،
وأثرت على البنوك والمؤسسات المالية بصفة خاصة وبشكل لم يسبق له مثيل منذ أزمة 1929 ، وتعود بداية
الأزمة إلى أغسطس/آب سنة 2007 عبر ما يسمى ب"أزمة الرهن العقاري" أو "القروض السيئة ذي الفائدة
القابلة للتغيير" حين توسعت المؤسسات المالية الأميركية في منح قروض سكنية لعدد كبير من الأفراد لتمويل
شراء سكنات وإرتفع معدل التمليك السكني في الولايات المتحدة من 64 % سنة 1996 إلى 69,2 % سنة 2004
وتم تشجيع هذه العملية من قبل الحكومة الأمريكية بمقتضى القانون الصادر سنة 1977 والذي ينص على
إمكانية أن تحصل أي مؤسسة مالية على ضمانات لودائعها المالية من الهيئة الفدرالية للتأمين على الودائع إذا
التزمت بالإقراض إلى أسر أمريكية من ذوي الدخل المتواضع، ومع توسع البنوك والمؤسسات المالية في
نسب التمويل العقاري دون ضمانات كافية ذلك أثر سلبا على قدرتها المالية رغم محاولاتها الاقتراض من
بنوك أخرى عبر السوق النقدية ورفضها إقراضها، وتدخل البنوك المركزية في تقديم مليارات الدولارات
كقروض للبنوك إلا أنه اتسعت رقعة البنوك التي تعاني من عجز في السيولة النقدية، الأمر الذي أدى في
مرحلة تالية إلى ظهور حالات الإفلاس التي يشهدها الاقتصاد الأمريكي والعالمي حيث بلغ عد المؤسسات
الأمريكية التي أفلست أو قريبة من الإفلاس بحوالي 120 مؤسسة مالية منها إفلاس مؤسستي "ليمان برذرز"،
حافة "AIG American International Group" "ميرل لينش"، ووصلت أكبر مؤسسة تأمين أمريكية
الإفلاس لولا تدخل الخزانة الأمريكية والاحتياطي الأمريكي الفيدرالي لإنقاذها، ويكفي أن نشير إلى أن
الأزمة المالية الحالية كلفت الاقتصاد الأمريكي فقط حتى تاريخه حوالي 1000 مليار دولار مما استدعى
تدخ ً لا مباشرًا من الإدارة الاقتصادية لإيجاد حل لهذه الأزمة، وخصصت مبالغ ضخمة لتجاوزها قدرت
بحوالي 800 مليار دولار ويقدر مجموع ما ضخه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي حتى الآن حوالي 180 مليار
دولار، كما قامت الخزانة الأمريكية بطرح سندات خزينة وشراء القروض المتعثرة لإنقاذ المصارف
والمؤسسات المالية الأمريكية( 9)، وساهم تحرير أسواق التمويل العقاري بإلغاء الحد الأقصى للإقراض،
ولأسعار الفائدة على الودائع، وإلغاء القيود على الائتمان في فتح المجال لزيادة التنافس بين البنوك
9
والمؤسسات وسرعة نمو الائتمان العقاري، وتتميز أسواق الرهن العقاري بمجموعة من الخصائص تتمثل في
( النقاط التالية: ( 10
- نسبة القرض إلى القيمة (أي نسبة القرض العقاري إلى قيمة السكن) ومدة القرض: فإرتفاع نسبة
القرض إلى القيمة يفسح المجال أمام المقترضين لإقتراض المزيد، بينما تسمح فترات السداد الأطول
بالمحافظة على نسبة خدمة الدين (المقصود بخدمة الدين سداد القسط مضافا إليه الفائدة المستحقة) إلى
الدخل في حدود يمكن استيعابها.
- إمكانية تكرار الإقتراض بضمان قيمة السكن والسداد المبكر للقرض بدون رسوم: فإمكانية الاقتراض
بضمان القيمة المتراكمة للسكن تسمح للجمهور بالإستفادة مباشرة من ثرواتهم السكنية والحصول
على المزيد من القروض عند إرتفاع أسعار السكنات،وتتسبب رسوم السداد المبكر في تقييد قدرتهم
على إعادة تمويل قروضهم العقارية في حالة انخفاض أسعار الفائدة.
- إنشاء أسواق ثانوية للقروض العقارية: فكلما ازداد تطور أسواق القروض العقارية الثانوية سيجد
المقرضون سهولة أكبر في الحصول على التمويل عبر أسواق رأس المال، وتقديم القروض للجمهور
إذا ما تساوت الشروط الأخرى.
2.5.3 . تطورات الأزمة وإضطراب الأسواق المالية :
امتد تأثير الأزمة إلى الأسواق والمؤسسات الأساسية في النظام المالي بعد ارتفاع حالات التعثر عن السداد
في سوق الرهون العقارية العالية المخاطر في سياق عملية تصحيح رئيسية تشهدها سوق المساكن في
أميركا، حيث قامت المصارف وشركات العقار ببيع الديون إلى شركات التوريق التي أصدرت بموجبها
سندات قابلة للتداول في أسواق البورصة العالمية من خلال ما يعرف بعمليات "التسنييد"، أو"التوريق" وتوالت
عمليات التوريق والتي أدت إلى بدورها إلى توسع الفجوة بين الاقتصاد الحقيقي والاقتصاد المالي، ومن جهة
أخرى ولتعزيز مركز السندات قامت البنوك المؤسسات المالية بالتأمين على السندات لدى شركات التأمين
على أن يقوم حامل السند بدفع رسوم التأمين عليها ضمانا لسداد قيمة السندات من طرف شركة التأمين وهذا
في حالة ما إذا أفلس البنك أو عجز صاحب العقار عن السداد، كما قاموا برهن تلك السندات للإستفادة من
أسعار الفائدة مما شجعهم على إقتناء المزيد من تلك السندات، وخلال ذات الفترة تم إصدار أدوات مالية
جديدة تسمى "المشتقات المالية" حيث تم المضاربة عليها في الأسواق المالية وبصورة منفصلة عن السندات،
وكنتيجة لتلك الفروقات السعرية التي أرهقت أصحاب العقارات وتوقفوا عن التسديد قامت البنوك ببيع
العقارات محا النزاع والتي رفض مالكوها الخروج منها وكنتيجة لهذا النزاع بين البنوك وأصحاب العقارات
أدى ذلك إلى إنخقاض قيمة تلك العقارات بد  ءا من عام 2007 وأصبحت قيمتها أقل من قيمة السندات
المتداولة والصادرة بشأنها فلم يعد في مقدور الأفراد سداد ديونهم حتى بعد بيع السندات التي بدأت قيمتها في
الإنخفاض فأصبحوا مكبلين بالالتزامات المالية، وكنتيجة لتضرر المصارف الدائنة من عدم السداد هبطت
قيمة أسهمها في البورصة وأعلنت عدة شركات عقارية وشركات تأمين إفلاسها فسيطر على أذهان
10
المستثمرين حالة من عدم الثقة مما دفع في اتجاه قيام المودعين بسحب ودائعهم مما إنعكس سلبًا على سيولة
،( البنوك على الرغم من تدخلات البنوك المركزية والتي جاوزت 500 مليار دولار فأعلنت إفلاسها( 11
وتوالت الخسائر وانخفضت أسهم البنوك وشركات الإستثمار العقاري والنتيجة أصيبت الأسواق المالية بالشلل
التام.
3.5.3 . تحركات البنوك المركزية :
AIG وفى ظل تلك الظروف زادت الأمور توترا خاصة مع إعلان شركة التأمين وهي أكبر شركة في العالم
عدم قدرتها على الوفاء بإلتزاماتها تجاه 64 مليون عميل تقريبا مما دفع بالحكومة الأمريكية إلى منحها
مساعدة بقيمة 85 مليار دولار مقابل امتلاك 79.9 % من رأسمالها، إلا أن الكثير من المؤسسات المالية
الأمريكية مثل "مورجان ستانلي"، "جولدمان ساكس" أعلنت إفلاسها، وآخرها في سبتمبر 2008 إعلان بنك
إفلاسه، ٌقدرت خسائر المؤسسات المالية حول العالم في يوليو 2008 بما يقرب من "Lehman Brothers"
( 435 مليار دولار أمريكي.( 12
رغم قيام البنك الفيدرالي الأمريكي بتخفيض أسعار الفائدة في يناير 2008 بخفض معدل فائدته
الرئيسية ثلاثة أرباع النقطة إلي 3,50 % وهو إجراء ذو حجم استثنائي، ثم تخفيضه تدريجيًا إلي 2% بين
يناير وأبريل من ذات العام، وقيام عدد من البنوك المركزية الأخرى في مختلف أنحاء العالم بتخفيض أسعار
الفائدة، حيث قام البنك المركزي الأوربي بخفض سعر الفائدة من 4.25 % إلى 3.75 %، واتخذت كل من
البنوك المركزية في كندا والمملكة المتحدة وسويسرا والسويد نفس الإجراء بالتخفيض بمقدار نصف في
المائة، ومن جهة أخرى للتخفيف من حدة الأزمة وليس لتجاوزها –لأن تجاوزها يتوقف على آثارها التي من
المتوقع أن تمتد لسنوات حسب تقديرات اقتصادية إلى غاية عام 2012 - قامت البنوك المركزية في مختلف
أنحاء العالم بضخ أموال في سوق المال، حيث قام البنك المركزي الأوروبي بضخ أكثر من 69 مليار أورو،
و 14.2 مليار دولار أمريكي من البنك المركزي الياباني، وكذلك قامت الحكومة البريطانية بدعم مبادرة
لإنعاش سوق العقارات من الركود بتكلفة تصل إلى نصف مليار جنيه إسترليني.
إن قرار الحكومة الأمريكية تخصيص مبلغ 700 مليار دولار لضخها في القطاع المصرفي قد لا
تغطي الديون المتعثرة سوى 6% منها وهي غير كافية لمعالجة الأزمة وهو ما يفسره إستمرار هبوط
مؤشرات البورصة، وكذلك إن محاولة البنك المركزي تقليص سعر الفائدة بهدف تشجيع البنوك على
الإقتراض فيما بينها وتنشيط أداء البورصة لن تكون كافية للخروج من الأزمة.
إجملا يمكن تلخيص أسباب الأزمة المالية العالمية بشكل مختصر ضمن النقطتين التاليتين:
11
الأزمة المالية العالمية
المصدر: من إعداد الباحث
4.5.3 . مظاهر الأزمة المالية العالمية :
تبرز تداعيات الأزمة المالية العالمية في مجموعة من المؤشرات الخطرة التي تهدد بالإقتصاد
الأمريكي والعالمي ويمكن إيجازها ضمن النقاط التالية:
إفلاس متواصل لكثير من البنوك، والمؤسسات العقارية، وشركات التأمين، وقد بلغ عدد البنوك 􀂃
المنتهية 11 بنك، من بينها "بنك إندي ماك" الذي يستحوذ 32 مليار دولار من الأصول، وودائع
بقيمة 19 مليار دولار، ومن المتوقع مع منتصف عام 2009 غلق ما يقرب 110 بنك تقدر قيمة
أصولها بحوالي 850 مليار دولار.
تدهور حاد في نشاط الأسواق المالية العالمية جراء تأثره بالقطاع المصرفي والمالي، وهو ما 􀂃
يفسر تقلب مستوى التداولات ترتب عنها اضطراباً وخللاً في مؤشرات البورصة بتراجع القيمة
السوقية ل 8 مؤسسات مالية عالمية بحوالي 574 مليار دولار خلال العام.
ارتفاع نسبة الديون العقارية على نحو 6.6 تريليون دولار، بلغت ديون الشركات نسبة 18.4 􀂃
تريليون دولار وبذلك فإن المجموع الكلي للديون يعادل 39 تريليون دولار أي ما يعادل 3
(13).% أضعاف الناتج المحلي الإجمالي، كما بلغت نسبة البطالة 5%، ومعدل التضخم 4
تراجع كبير في نسب نمو الدول الصناعية من 1,4 % سنة 2008 إلى حدود 0,3 % سنة 2009 􀂃
مع توقع تقرير منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية أن تصل نسب النمو عام 2009 في الولايات
المتحدة إلى 0,9 %، مقابل 0,1 % لليابان، و 0,5 % لأوروبا.
تراجع أسعار النفط بدول منظمة الدول المصدرة للبترول"أوبك" إلى ما دون 55 دولار للبرميل. 􀂃
إعلان رسمي بدخول إيطاليا وألمانيا كأول وثالث إقتصاد أوروبي في مرحلة ركود إقتصادي. 􀂃
التعثر والتوقف والتصفية وإفلاس العديد من البنوك 􀂃
انخفاض حاد في مبيعات السيارات وعلى رأسها أكبر المجموعات الأمريكية"فورد"، "جنرال 􀂃
موتورز" هذه الأخيرة التي هي على وشك الإفلاس وهو ما يهدد بمليوني عامل.
- طبيعة النظام الائتماني المصرفي
- غياب الإشراف والرقابة
- التوسع الإئتماني دون ضمانات
- الاقتراض من أجل المضاربات في
الأسواق المالية
إختلالات نقدية مصرفية إختلالات مالية سوقية
- طبيعة وظائف السوق المالية
- شدة المضاربات
- الفقاعات السعرية
- أزمة عدم ثقة في القطاع المالي
12
ثانيا: آثار الأزمة المالية العالمية على الإقتصاديات العربية
إنعكست تداعيات الأزمة المالية على إقتصاديات الدول، وتأثرت منها الدول العربية على إعتبار أنها
جزء من منظومة الإقتصاد العالمي وتربطه علاقات إقتصادية، ومن المؤكد أن درجة تأثيرها يختلف بين
الدول العربية على حسب درجة إرتباطها وإندماجها في الإقتصاد العالمي، والجزائر كغيرها من الدول ليست
بمنأى من تداعيات الأزمة على الأنظمة والسياسات الإقتصادية والمصرفية...، وتأثيرها بشكل مباشر أو غير
مباشر في المدى الطويل أو القصير، وفي هذا الإطار يمكننا تقسيم الدول العربية إلى ثلاث مجموعات من
حيث مدى تأثرها بالأزمة كمايلي:
مجموعة الدول العربية ذات درجة الانفتاح الاقتصادي والمالي المرتفعة وتشمل دول مجلس 􀂙
التعاون الخليجي العربية وهي السعودية، البحرين، عمان، قطر، الكويت،الإمارات العربية المتحدة
مجموعة الدول العربية ذات درجة الانفتاح المتوسطة والمنخفض وتشمل الأردن، مصر، ليبيا، 􀂙
تونس، الجزائر.
وفيمايلي نستعرض آثار الأزمة المالية الراهنة على دول مجلس التعاون الخليجي واقتصاد الجزائر كحالة
منها، كما نقدم مختلف الإجراءات المتخذة من طرفها للحد من تداعيات الأزمة العالمية.
1. آثار الأزمة المالية العالمية على إقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي:
إنعكست تداعيات الأزمة المالية العالمية على إقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي الست إذا انخفضت
أسعار النفط بنسبة 50 % من 150 دولارا للبرميل في شهر يوليو إلى حوالي 77 دولارا في الوقت الحالي،
وهو ما سيؤثر على صادراتها وينعكس سلبا على معدلات النمو الاقتصادي التي ستنخفض إلى 4.2 % في
عام 2009 مقابل 5.7 % عام 2008 ، ومن ناحية أخرى تشير بعض التقديرات إلى أن صناديق الثروات
السيادية التي تستثمرها دول الخليج في الولايات المتحدة وأوروبا والتي قدرت أصولها في مايو ب 1500
مليار دولار عرفت تراجعا في مداخيلها بنسبة 30 % وخسرت 450 مليار دولار، وهي قيمة تساوي دخل
دول الخليج من النفط لعام كامل، كما ستتأثر الاستثمارات العربية بالخارج وتختلف درجة تأثرها بحسب
الجهة التي يتم الاستثمار فيها، ومن المتوقع أن يكون سعر برميل النفط في عام 2009 بين أربعين وخمسين
دولارا، وبين خمسين وسبعين دولارا في آفاق عام 2010 ، وقد أعلنت السعودية كأكبر اقتصاد خليجي أن
عجز ميزانيتها المتوقع لعام 2009 سيكون بحدود 17.3 بعد أن سجلت ميزانيتها لعام 2008 فائضا حقيقيا
بلغ 160 مليار دولار، ورغم تأثير الأزمة إلا أن السعودية أكدت استمرارها في الإنفاق على المشاريع
التنموية الضخمة اعتمادا على فوائضها المالية المقدرة ب 440 مليار دولار.
وبالنسبة للبورصات العربية يسودها الخوف والفزع مما أصابت المستثمرين في العالم، خاصة مع انهيار
بورصة وول ستريت بنيويورك، وبورصة اندونيسيا، حيث تراجعت أسواق المال العربية وشهدت مؤشراتها
13
انخفاضات مستمرة بنسبة 37 % سجلت خسائر كبيرة خاصة على قطاعي "العقارات" و"البنوك" في مختلف
الأسواق، مع استمرار القلق حول مصير تلك النشاطات الاستثمارية التي تجمع هذين القطاعين في عدة دول
بالمنطقة، كذلك فإن سحب الكثير من الصناديق الاستثمارية الأجنبية لأموالها من أسواقنا المالية سيزيد من
( حدة الأزمة وقد تكون أسوء بكثير لو استمر الوضع كذلك مما سيسبب كارثة حقيقة لأسواقنا المالية،( 14
وتواجه البورصات الخليجية والمصرية خاصة تغيرات جذرية في محافظها المالية المستثمرة في البورصات
العالمية وستتراجع فوائضها المالية مما سينعكس على مشاريع التنمية والإستثمارات العربية الكبيرة في
الأسواق المالية، ويظهر تأثر الإقتصاد الخليجي بالأزمة المالية من خلال ثلاث مصادر محتملة تتمثل في:
تأثر المؤسسات المالية التي تملك حيازات في سندات الرهن العقاري أو تستثمر في عقود التزامات
ومثال ذلك خسائر s'CDS المرتبط بتلك السندات، أو في عقود مبادلة الديون s'CDO الدين المهيكل
بما يقارب 750 مليون دولار من جراء استثماراته في سندات الرهن العقاري GIB بنك الخليج الدولي
ما استدعى رفع رأسماله بتمويل من مؤسسة النقد السعودي، وكذلك خسائر المؤسسة العربية المصرفية
بمقدار 500 مليون دولار. ABC
الخسائر الناتجة عن إدارة الاستثمارات بواسطة البنوك الاستثمارية الأمريكية المتأثرة من الأزمة،
خاصة مع ارتباط المصارف الخليجية بالمصارف العالمية في الولايات المتحدة الأمريكية ذلك سيؤثر
على استثمارات البنوك الخليجية، ففي وقت سابق أعلن بنك أبو ظبي التجاري أنه باشر باتخاذ
إجراءات قانونية في نيويورك لاسترداد بعض خسائر استثماراته في الصناديق الاستثمارية في
الولايات المتحدة، مدعيا رغم عدم إفصاحه لحجم المخاطر المحيطة بالاستثمار ما يعطي فكرة عن
ضبابية الصورة المتعلقة بتلك الاستثمارات لدى الاقتصاديين المختصين.
تأثر الوضع الائتماني من خلال نقص السيولة وارتفاع تكلفة الاقتراض، وقد ظهرت بوادر أزمة
الائتمان في دبي مع تراجع مستوى السيولة في السوق لتمويل المشاريع الجديدة حيث أعلن البنك
المركزي الإماراتي عن تمويل يقدر ب 50 مليار درهم إماراتي متاح للبنوك الإماراتية للاستفادة منها.
1.1 . إجراءات دول مجلس التعاون الخليجي للحد من آثار الأزمة المالية على الجهاز المصرفي:
عن تأثير الأزمة على النظام المصرفي لدول مجلس التعاون الخليجي، فقد تسبب ذعر وخوف المتعاملين من
تداعيات الأزمة في ارتفاع معدل المسحوبات من البنوك والمصارف العربية مما سبب خللا في حركة
التدفقات النقدية والمالية، فاضطرت البنوك المركزية في دول الخليج العربي إلى ضخ كميات من السيولة
لتلبية احتياجات الطلب على النقد مما أحدث ارتباكًا في سوق النقد والمال وأثر على الاحتياطيات النقدية
بالبنوك والمصارف المركزية العربية، وعموما يبقى تأثير الأزمة المالية محدودا خاصة بعد اجتماع وزراء
المالية ومحافظوا البنوك المركزية لإتخاذ إجراءات وسياسات تحول دون إنتقال تبعات الأزمة المالية للقطاع
المصرفي العربي، ومن أبرزها ضخ أموال في النظام المصرفي لمواجهة أي نقص في السيولة النقدية
14
وتحديد نسبة التمويل الموجه إلى الرهن العقاري، ومراقبة المؤسسات المالية العربية المرتبطة بالمؤسسات
الدولية، وعقب ذلك قامت العديد من الدول بإتخاذ مجموعة من الإجراءات نلخصها في النقاط التالية:
- الكويت: للأجل التخفيف من حدة التوترات في الأسواق المالية قامت الدولة بضخ مليار دينار كسيولة في
الأسواق، وعرض البنك المركزي أموالا لليلة واحدة، ولأسبوع، ولشهر قصد توفير السيولة للبنوك خاصة
بعد هبوط أسعار البورصة في الفترة الأخيرة.
- الإمارات: منح المصرف المركزي الإماراتي قروض قصيرة الأجل بقيمة 50 مليار درهم أي ما يعادل
13.61 مليار دولار، وخصص المصرف تسهيلات للبنوك لاستخدامها كقروض مصرفية، ومن جهة أخرى
ولتدعيم حجم السيولة النقدية في البنوك قام بإعادة شراء كل شهادات الإيداع التي تبقى عن مدتها 14 يوم،
وألغى بصفة مؤقتة الأيام الست للسحب على المكشوف من الحسابات الجارية قصد إتاحة السيولة للبنوك في
الأجل القصير خاصة بعد أن أعلن بنك دبي الوطني تقليل منح القروض الكبيرة وخطط السداد.
%20- - قطر: بغية تعزيز الثقة في سوق الأوراق المالية بالدوحة، قررت هيئة الاستثمار شراء ما بين 10
من رأسمال البنوك المدرج في السوق لتعزيز ثقة الجمهور في الملاءة المالية للبنوك وتم تدعيم ذلك بشراء
أسهم محلية لدعم أسعار البورصة خاصة بعد الانخفاضات المتتالية التي عرفتها البورصة وعزوف جماعي
للمستثمرين، إلى جانب ذلك قامت بتخفيض أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية وهو إجراء إتخذته
معظم دول مجلس التعاون الخليجي للتقليل من تكلفة تمويل البنوك.
- السعودية: أعلن البنك المركزي السعودي عن توفير أي سيولة نقدية تحتاجها البنوك، ومنحها خيار
اقتراض ما قيمته 75 % من الأوراق المالية الحكومية التي تبلغ قيمتها مائتي مليار ريال أي بما يعادل
53,1 مليار دولار، كما قرر البنك المركزي خفض معدلات الفائدة بنصف نقطة لتصبح 5%، وكذلك خفض
.%10- معدل الاحتياطي الإجباري الذي ينبغي على البنوك التجارية المحافظة عليه مقارنة بودائعها من 5
- البحرين: صرح محافظ البنك المركزي البحريني سلامة الأوضاع خاصة وأن كل بنوكها تستثمر أموالها
في دول الخليج المنتعشة إقتصاديا وليس في الأدوات المالية المشتقة، شأنها شأن البنوك الإسلامية وبذلك
فهي لم تتأثر بالأزمة المالية العالمية، وحتى وإن تأثرت فهي قادرة على إتخاذ الإجراءات المناسبة.
وعموما يمكن تلخيص الإجراءات المالية المتخذة من دول مجلس التعاون الخليجي ضمن الجدول التالي:
15
جدول رقم ( 1): إجراءات دول الخليج لمواجهة الأزمة المالية
الدولة الإجراءات المتخذة
% الكويت - خفض نسبة الفائدة 1.5
% - خفض الأجل 1,5
- ضخ مليار دينار كسيولة في الأسواق
- عرض أموال لليلة واحدة، ولأسبوع، ولشهر
الإمارات - قروض قصيرة الأجل بقيمة 13.6 مليار دولار
- إعادة شراء كل شهادات الإيداع المتبقي من أجلها 14 يوم
20 % من رأسمال البنوك المدرجة - قطر - شراء مابين 10
- شراء أسهم محلية لدعم الأسعار
السعودية - طرح خيار للبنوك بإقتراض 75 % من الأوراق الحكومية
- خفض نسبة الفائدة 5% وخفض معدل الاحتياطي الإلزامي
البحرين - عدم اتخاذ أي إجراءات لسلامة الأوضاع البنكية
المصدر: تامر عبد العزيز، "إجراءات دول الخليج في مواجهة أزمة المال..."، يومية الجريدة، العدد 462 ، الصادرة بتاريخ
www.aljarida.com : 16 نوفمبر 2008 ، ص: 27 . لمزيد من الإطلاع راجع الموقع الإلكتروني
ومع تداعيات الأزمة المالية على دول مجلس التعاون الخليجي وتضرر عملاتهم، أدركت الدول الست أن
ربط عملاتهم بالدولار لم يعد مناسبا في ظل انخفاض حاد في أسعار البترول وأسعار الأسهم، وهو ما دعى
30 ديسمبر الجاري للاتفاق على "وحدة نقدية موحدة" و وضع مقر إطار / إلى عقد اجتماع مقرر يومي 29
عمل البنك المركزي الخليجي، على أن يجسد المشروع فعليا مع نهاية عام 2010 والذي يطمح إليه دول
الخليج في إطار التكامل المالي والاقتصادي العربي.
2. آثار الأزمة المالية العالمية على الإقتصاد الجزائري :
مما لا شك فيه أن الاقتصاد الجزائري كغيره من الاقتصاديات العالمية سوف يتأثر بالأزمة الاقتصادية
العالمية، وإن كان بنسبة أقل مقارنة بالدول الأخرى و ذلك للأسباب التالية:
عدم وجود سوق مالية بالمعنى الفعلي في الجزائر. 􀂃
عدم وجود ارتباطات مصرفية للبنوك الجزائرية مع البنوك العالمية بالشكل الذي يؤثر عليها. 􀂃
انغلاق الاقتصاد الجزائري بشكل نسبي على الاقتصاد العالمي، ذالك أن الإنتاج الجزائري لا يعتمد 􀂃
على التصدير بإستثناء المحروقات و ذلك ما يجعله في مأمن من أي كساد قد يصيب الاقتصاد
العالمي والكثير من الدول التي تعتمد على صادرات قد تتأثر بالركود والكساد في الدول المستهلكة
لمنتجاتها.
16
اعتماد الحكومة الجزائرية على موازنة بسعر مرجعي يقل كثيرا عن أسعار السوق وهذا ما يجنبها 􀂃
أي انعكاسات في حالة انخفاض أسعار البترول.
وباعتبار أن الجزائر من الدول العربية المصدرة للبترول والذي ساهم في ارتفاع المداخيل خلال النصف
الأول من سنة 2008 حسب تقرير البنك العالمي الذي أشار إلى أن الجزائر حققت نسبة نمو هذه السنة
ب 4,9 % مقابل 3,1 % سنة 2007 وقدرت نسبة النمو خارج المحروقات ب 6% وهي نتاج النفقات العمومية
في قطاعات مثل البناء والخدمات المتعلقة بالبنى التحتية والهياكل القاعدية، وأشار تقرير البنك العالمي أن
الجزائر تتمتع بوضع مالي مريح إذ قدر احتياطي الصرف نهاية سبتمبر من سنة 2007 ب 130 مليار دولار
بزيادة قيمتها 30 مليار دولار مقارنة بنهاية 2007 ، إلا أن تراجع الأسعار بدأ يشكل بالنسبة للدول النفطية
عامل ضغط مستمر وهو ما يتوقع حسبه إلى أن سنة 2009 هي آخر سنة لمخطط دعم النمو الاقتصادي الذي
15 )، ومع تراجع )% جند له أكثر من 150 إلى 160 مليار دولار ستنتهي بنسبة نمو متواضعة تقدر ب 3,8
أسعار البترول إلى أقل من 50 دولار للبرميل واستمرار تدني الأسعار وعزوف الرأسمال الأجنبي على
الاستثمار في الجزائر فمن المتوقع أن تتأثر المشاريع الخاصة بالهياكل القاعدية والبنى التحتية التي تمول من
قبل الدولة تدريجيا فضلا عن تأثر المداخيل الجبائية أيضا وهوما من شأنه أن يؤثر على الإقتصاد الجزائري.
وعن تأثيرات الأزمة المالية على القطاع المصرفي فتشير التقارير الاقتصادية بأن الجزائر في منأى من
تداعياتها نظرا لعدم مخاطرتها في مجال التوظيف المالي، فضلا عن عدم ارتباط بنوك الجزائر بشبكات
وتعاملات خارجية رغم الخسائر المسجلة في أصول البنوك الكبرى والمقدرة من قبل بنك التسوية العالمية
ب 650 مليار دولار وأكثر من 1400 مليار دولار حسب صندوق النقد الدولي، وكنتيجة للتسيير الحذر
لاحتياطات الصرف الجزائرية مع غياب أي استثمار في أصول ذات مخاطر، وتفادي خسائر في رأسمال
محافظ الأصول ذلك ساهم في تحقيق نسبة مردودية مقدرة ب 4,6 % عام 2007 موازاة مع تخفيض قيمة
المديونية الخارجية التي بلغت نهاية نوفمبر 2008 ما قيمته 3,9 مليار دولار، وأشار محافظ بنك الجزائر إلى
أنه تم تقليص التزامات البنوك اتجاه الخارج التي تمثل أقل من 1% من مواردها وتم التركيز على التمويل
% المحلي بالدينار الجزائري بالنظر لتسجيل فوائض في الادخار تقدر بنسبة 57,2 % في 2007 و 55
في 2006 و 52 % في 2005 ، وقد بلغت قيمة صندوق ضبط الموارد في نهاية نوفمبر 2008 نسبة 40 % من
الناتج الوطني الخام وهو عامل يساهم في امتصاص الصدمات الخارجية الناتجة عن الأزمة، إضافة إلى أن
فائض السيولة النقدية في البنوك الجزائرية قدر ب 4192 مليار دينار أي ما يعادل 58,14 مليار دولار يكفي
لتمويل الإقتصاد وتغطية كافة النفقات لمدة تتجاوز السنتين( 16 )، وتعتبر توظيفات الجزائر المالية من
احتياطاتها والمقدرة بحوالي 70 مليار دولار بنسب متواضعة تصل 1,5 % على شكل سندات خزينة أمريكية
بنسبة 3,8 %، وتوظيفات لدى البنوك من الدرجة الأولى بعيدة عن المخاطرة .
ورغم الآثار الغير مباشر للأزمة العالمية، إلا أنه قد انعكست إيجابا على بعض الجوانب في الاقتصاد
الجزائري وتمثلت في النقاط التالية:
17
انخفاض أسعار العديد من السلع في السوق العالمية: فكما يؤدي نمو الاقتصاد العالمي إلى زيادة 􀂃
أسعار السلع فركوده يؤدي إلى انخفاض أسعار السلع في السوق العالمية، وباعتبار الجزائر بلد
مستورد للسلع فالأزمة نافعة للاقتصاد على الأمد القريب.
انخفاض تكاليف مواد الإنتاج قد يخلق دينامكية في الاقتصاد، ومثال انهيار أسعار الحديد ساعدت 􀂃
قطاع العقار في الجزائر على النهوض بعد تعثره إثر ارتفاع أسعاره في السوق العالمية.
اختلال التوازنات المالية الكبرى إن استمرت أسعار المحروقات في الانهيار. 􀂃
الركود الاقتصادي سيؤدي إلى إفلاس الكثير من الشركات و المؤسسات عبر العالم، وبقاء بعض 􀂃
الشركات الكبرى يؤدي إلى احتكار السوق العالمية و بالتالي رفع الأسعار مجددا.
الأزمة الاقتصادية قد تحد من الاستثمارات الخارجية. 􀂃
تراجع التحويلات المالية بشكل ملحوظ. 􀂃
1.2 . التدابير الوقائية لتجنب آثار الأزمة المالية العالمية على الإقتصاد الجزائري:
بالرغم من أن الجزائر لم تتأثر بالأزمة المالية بشكل مباشر إلا أنها قد تتأثر بالركود الاقتصادي ويمكن أن
تبرز بعض الإختلالات في عام 2009 رغم احتلالها المرتبة العاشرة حاليا باحتياطي صرف عالمي قدره
140 مليار دولار أي بعد ألمانيا ب 150 مليار دولار، وقبل فرنسا ب 125 مليار دولار، لذلك فإنه من الأجدر
إنشاء "صندوق سيادي" مكلف بتطوير-بالشراكة مع القطاع الخاص - قواعد تنمية اقتصادية متوازنة، يكون
مدعما بمجلس مراقبة يتكون من مجموعة من الخبراء والاقتصاديين، ويعرف الصندوق السيادي على أنه
"عبارة عن صندوق للتوظيف المالي يكون ملكا للدولة ويسير الادخار المحلي ليتم استثماره في توظيفات
متعددة من أسهم وسندات"، ويتواجد 40 صندوقا سياديا أهمها سلطة أبو ظبي للإستثمار الذي أنشأ في 1976
بقيمة 943 مليار دولار، والصندوق الحكومي الشامل للمعاشات النرويجي المؤسس في 1990 ، وهيئة الاستثمار
17 ) ، ويتطلب إنشاء صناديق سيادية ضرورة الالتزام ب : ) الصيني المؤسس في 2007
1. التسيير الفعال والحكم الراشد.
2. تسيير المعارف البشرية من خلال تقييم المعرفة، والتخصص المالي الهندسي، والتسيير الإستراتيجي.
3. مراعاة المنافسة الدولية في هذا المجال.
فإنشاء صندوق سيادي في الفترة الراهنة سيجعل الجزائر تستفيد من الفرص السانحة خاصة مع تدني قيمة
الأسهم في البورصات العالمية، ونقص السيولة الذي يمنع المستثمرين على الاستثمار في السوق المالي، وهو
( ما يمكن الاستفادة منه عن طريق قوة الجذب في سوق الأسهم من خلال التركيز على النقاط التالية: ( 18
نسب الأرباح الموزعة للأمريكيين هي أعلى من نسب سندات الخزينة الأمريكية. 􀂃
تخفيض نسبة تداولات الصناديق المغلقة الأمريكية واليابانية والأوروبية ب 25 % من قيمتها. 􀂃
انهيار البورصات العالمية قد سجل قيمة سوقية معادلة للقيمة المحاسبية مما يعتبر فرصة استثمارية. 􀂃
نسبة نمو أغلبية المؤسسات المقيدة في البورصة تجاوزت السعر مقابل نسبة الفائدة. 􀂃
18
نصف تداولات الأسهم الأمريكية والأوروبية واليابانية تتم بسعر مقابل نسب فائدة أقل من عشرة. 􀂃
تخفيض نسب الفوائد إلى مستوى يقترب من الصفر من طرف البنك الفدرالي الأمريكي، والبنك 􀂃
المركزي الأوروبي يجعل سوق الأسهم أكثر استقطابا لدى المستثمرين في السوق المالي.
اقتراب أسعار الفائدة إلى الصفر يدعم فكرة تحويل سوق السندات إلى سوق أسهم. 􀂃
كافة المعلومات السلبية المرتبطة بسوق البورصة تم إدراجها في التسعيرة الحالية للأسهم. 􀂃
من العرض السابق من الأهمية أن ننوه إلى أن تبني الجزائر لفكرة إنشاء صناديق سيادية ترتكز نحو
الاستثمار المالي وتقوم على الشفافية من شأنه أن يعزز من إصلاحاتها المصرفية والتسيير الإداري للاقتصاد
خاصة وأن توظيفاتها تدنت ويجب توخي الحذر.
ثالثا: الرؤية الإسلامية كبديل لتجاوز الأزمة المالية العالمية
على ضوء ما تقدم بالتعريف للأزمة المالية العالمية، أسبابها وتداعياتها على الاقتصاديات حيث أن
تأثيرها كان عميق جدا على الإقتصاد الأمريكي القائم على الرأسمالية والذي تسبب في أزمة مالية حقيقية،
والملاحظ أنه مع ضخامة هذه الأزمة واتساعها إلا أنها لم تؤثر في المصارف الإسلامية كون الشريعة
الإسلامية التي تحكم عمل تلك المؤسسات المالية ت  حرم التعامل في الأدوات المالية التي نتجت عنها أزمة
الرهن العقاري، لذلك ارتأينا أن نوضح بأن الالتزام بقواعد وضوابط الاستثمار والتمويل الإسلامي، والاعتماد
على أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية هي البديل المقدم والحل المناسب لتجاوز الأزمة الراهنة التي يشهدها
( الإقتصاد العالمي، وتتلخص مرتكزات التمويل الإسلامي في النقاط التالية: ( 19
• تعديل أسلوب التمويل العقاري ليكون بإحدى الصيغ الإسلامية ومنها أسلوب المشاركة التأجيرية.
• ضبط عملية التوريق لتكون لأصول عينية وليس لديون وهو ما يتم في السوق المالية الإسلامية في
صورة صكوك الإجارة والمشاركة والمضاربة، أما الديون فيمكن توريقها عند الإنشاء ولا تتداول وهو
ما يتم في السوق المالية الإسلامية بصكوك المرابحة والسلم والاستصناع، والتي يزيد حجم التعامل بها
عن 180 مليار دولار وتتوسع يوما بعد يوم وتتعامل بها بعض الدول الغربية.
• منع أساليب المضاربات قصيرة الأجل كالبيع على المكشوف، والشراء بالهامش وهو ما تسبب في
حدوث الأزمة المالية في أمريكا وإنجلترا.
• عدم التعامل بالمشتقات المالية مثل العقود المستقبلية، وعقود الخيار والمبادلة والتعامل بدلا منها
بأسلوب بيع السلم كما قرره الفقه الإسلامي ونهى عن التعامل في المؤشرات بيعا وشراءا.
• إلغاء الفوائد الربوية، واستخدام أساليب المشاركات والبيوع، ومن الملاحظ أن تخفيض معدل الفائدة إلى
%1 كان أحد أساليب مواجهة الأزمة في أمريكا وأوروبا.
19
• وضع ضوابط للمعاملات المالية، وهيئات متخصصة للإشراف والرقابة على الأسواق والمؤسسات في
إطار الحرية المنضبطة القائمة على مبادئ الشريعة الإسلامية.
وفي الأخير نختم بحثنا هذا بقول الله العزيز الحكيم وهو يدعوا العرب والمسلمين لإتباع شرعه ليبارك لهم
في أرزاقهم وأموالهم حسنات وبركة، وصدق الله العظيم القائل:
(( َقالَ ا  هِب َ طا  مْن  ها  ج  ميعًا ب  ع  ض ُ ك  م لِبع ٍ ض عد  و َفإِ  ما يأْتينَّ ُ كم  منِّي  ه  دى َفمنِ اتَّب  ع  هدا  ي َف َ لا ي  ضلُّ و َ لا ي ْ شَقى
123 )  و  من أَعرض  عن  ذ ْ ك ِ ري فَإِ  ن لَ  ه  م  عي َ شةً  ضنكًا ونَحشُ  ره يو م القيا  م  ة أَ  ع  مى ( 124 ) )) سورة طه )
الخلاصة:
يتضح أن الأزمة المالية العالمية قد أثرت بشدة على اقتصاديات مختلف الدول والتي كشفت عن
الترابط الوثيق بين الاقتصاديات ككل، ولذلك فإن الخروج منها يتطلب تكاثف الجهود الدولية لإعادة النظر في
النظام النقدي الدولي الحالي بما يعطي جميع الدول الحرية الاقتصادية والسياسية الكاملة في اختيار ربط
عملاتها بسلة عملات يتم الاتفاق عليها دوليا "أو بوحدة حقوق السحب الخاصة"، وإعادة إصلاح أسس وآليات
عمل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بالإضافة إلى تدعيم الرقابة المالية على المؤسسات المالية من خلال
إدارة وإشراف هيئات رقابية دولية مستقلة تتمتع بالشفافية التامة وتسهر على إعادة الثقة في الأسواق المالية
من خلال تدخل الحكومات والبنوك المركزية لضمان توفير السيولة للجهاز المصرفي، والعمل على إدارة
أفضل للسيولة الدولية ووقف الاعتماد على عملة الدولار وذلك باعتماد وحدة حقوق السحب الخاصة لتكوين
الاحتياطات الدولية.
وإلى جانب ذلك فإنه نوصي بإعادة الانضباط إلى الجهاز المصرفي كي يؤدي وظيفته الحيوية، من
خلال تطوير قواعد عمل الوحدات المصرفية وأدوات الرقابة عليها، ومحاسبة المسئولين عن هذه الأزمة،
والتركيز على السياسات المصرفية المنضبطة القائمة على :
- إدارة السيولة والعائد.
- إدارة مخاطر الائتمان.
- إدارة كفاية رأس المال .
20
قائمة المراجع والهوامش:
1)- السيد عليوة، إدارة الأزمات والكوارث- مخاطر العولمة والإرهاب الدولي، مركز القرار للاستشارات، الطبعة 3، القاهرة، )
. 2004 ، ص: 13
. 2)- محسن أحمد الخضيري، إدارة الأزمات، مكتبة مدبولي، الإسكندرية، السنة غير مذكورة، ص: 54 )
3)- دنيال أرنولد، ترجمة عبد الأمير شمس الدين، تحليل الأزمات الاقتصادية للأمس واليوم، المؤسسة الجامعية للنشر )
.12- والتوزيع، بيروت، 1992 ، ص ص: 11
. 4)- السيد البدوي عبد الحافظ، إدارة الأسواق المالية- نظرة معاصرة- دار الفكر العربي، القاهرة، 1999 ، ص: 39 )
5)- إبراهيم علواش،" نحو فهم منهجي للأزمة المالية العالمية"، مقال منشور على الموقع الإلكتروني: )
www.aljazeera.net/NR/exeres/FE3852AF-FB9E-4E4C-8537-F4E.htm consulté le 10/11/2008
6)- مروان عطون، الأسواق النقدية والمالية (البورصات ومشكلاتها في العالم النقد والمال)، ديوان المطبوعات الجامعية، )
.103- الجزء 2، الجزائر، 2000 ، ص ص: 100
. 1989 ، دار الهدى للطباعة، الجزائر، 1990 ، ص: 87 - 7)- ضياء مجيد الموسوي، الأزمة الاقتصادية العالمية 1986 )
.223- 8)- مروان عطون، مرجع سابق، ص ص: 220 )
9)- محمد الحسين، "الأزمة المالية المعاصرة"، مقال منشور على الإنترنت على الموقع الإلكتروني: )
www.modon.org/index.php?act=Print&client=wordr&f=13&t=45277 consulté le 10/11/2008
10 )- نبيل حشاد،"الأزمة المالية العالمية وتأثيرها على الإقتصاد العربي"، مقال منشور على الإنترنت على الموقع الإلكتروني: )
www.isegs.com/forum/showthread.php?t=2335 consulté le 25/12/2008
11 )- علي عبد الله شاهين،"الأزمة المالية العالمية(أسبابها، وتداعياتها، وتأثيراتها على الإقتصاد)"، مقال منشور على الموقع : )
www.iugazo,edu,pa/ar/colgupload/news/documents consulté le 25/12/2008
12 )- عبد الله شحاتة،"الأزمة المالية: المفهوم والأسباب"، مقال منشور على الإنترنت على الموقع الإلكتروني: )
www. isegs.com/forum/showthread.php?t=2335 consulté le 25/12/2008
13 )- علي عبد الله شاهين،"الأزمة المالية العالمية(أسبابها، وتداعياتها، وتأثيراتها على الإقتصاد)"، مرجع سابق. )
. 2008 ، ص: 20 /11/ 14 )- نبيل نائف حاجي،"فرصة الإنقاذ قائمة..."، يومية العرب الأسبوعي، الصادرة بتاريخ 11 )
www.alarab.co.uk previous pages arabe20%weekly/ لمزيد من الإطلاع راجع الموقع الإلكتروني: 2008
، 15 )- حفيظ صواليلي،" البترول ساهم في ارتفاع مداخيل الجزائر"، يومية الخبر، العدد 5496 ، الصادرة في 10 ديسمبر 2008 )
www. Elkhabar. com : ص: 5. لمزيد من الإطلاع راجع الموقع الإلكتروني
16 )- حفيظ صواليلي،" فوائض السيولة لدى البنوك تجاوزت 33,5 مليار دولار"، يومية الخبر، العدد 5506 ، الصادرة في )
. 22 ديسمبر 2008 ، ص: 5
، 17 )- حفيظ صواليلي، "الصناديق السيادية تثير الجدل في الجزائر"، يومية الخبر، العدد 5505 ، الصادرة في 21 ديسمبر 2008 )
. ص: 5
. 18 )- المرجع السابق، ص: 5 )
19 )- محمد عبد الحليم عمر،"قراءة إسلامية في الأزمة المالية العالمية"، ورقة بحث مقدمة إلى ندوة الأزمة المالية العالمية من )
منظور إسلامي وتأثيرها على الاقتصاديات العربية، 11 أكتوبر 2008 ، مركز صالح عبد الله للاقتصاد الإسلامي، جامعة
. الأزهر-مصر، ص: 16



27/01/2011
0 Poster un commentaire

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 9 autres membres